Quantcast
Channel: Arabi Blog on The Huffington Post
Viewing all 13463 articles
Browse latest View live

لماذا نفشل؟

$
0
0
عندما بدأت في عام 2005م بمزاولة إدارة المشاريع (Project Management)، تعلمت منها نوعين مهمين من فنون الإدارة، إدارة التوقعات (Expectation Management) وإدارة المخاطر (Risk Management)، ويمكنني الجزم -بعد مضي أكثر من 10 سنوات على تلك المزاولة- أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينجح أي مشروع من دونهما، فهما من الأدوات التي تحمي المشروع من الفشل وتساعد في استمرار سيره قدماً مع إدراك كامل وشامل -قدر المستطاع- لما يمكن أن يعيق تقدمه، والنهاية المتوقعة له من دون مفاجآت.

هاتان المهارتان غيَّرتا حياتي إلى الأفضل، فقد كان منظوري لكثير من الأمور قبلهما مختلفًا، وكنت -على سبيل المثال- من أولئك الذين يرون في ذكر ما هو سيئ.. تشاؤمًا، وأدركت بعدها أنَّ هذا النوع من التفكير غاية في السخف، بل قد يكون السبب الرئيس وراء الكثير من الفشل في حياتنا، ولا يمكنني تصور أنه كان بمقدوري النجاح في كندا من دون اللجوء لهما وقت التخطيط إلى الهجرة.

لمزيد من التفصيل حول هاتين المهارتين:
١) إدارة التوقعات:
وفكرتها تدور حول إدارة توقعات أصحاب المصلحة (Stakeholder) الذين أطلقوا المشروع بُغية إنجاز فكرة معينة في أذهانهم ينوون تحقيقها، ووظيفتي كمدير مشروع أن أفهم تلك التوقعات وأعمل على تنفيذها، بحيث يتم تنفيذ المشروع وفقاً لما يتم الاتفاق عليه في العقد حرفاً بحرف من دون زيادة أو نقصان، فإذا كانت توقعاتهم أن تكون مخرجات المشروع صاروخًا فضائيًّا، لا يمكنني بأي حال من الأحوال إخراج طائرة هوائية بدلاً عنه، فالمشروع بهذه الطريقة سيكون قد فشل حتى لو اكتمل، فالنتيجة كانت مخالفة لتوقعاتهم (أي أصحاب المصلحة) لأني لم أتمكن من إنجاز ما طلبوه! وغالباً ما يكون سوء التخطيط هو السبب وراء هذا الإخفاق، فكان من المفترض أن أبين لهم خلال فترة التخطيط إن كان بالإمكان تلبية توقعاتهم أم لا، وإذا لم يكن بالإمكان تلبية تلك التوقعات فما السبب؟ هل ميزانية المشروع غير كافية؟ أم نقص الخبرة هو العلة التي قادت بالمشروع إلى الفشل؟ أم لعل الوقت لم يكن كافياً؟ وهكذا، وبعدما أقوم بهذا التشريح والتبيان حول قدرات المشروع الحقيقية وما يمكن إنجازه من خلالها، أترك الخيار لهم ليقرروا إما الاستمرار بالمشروع كما هو بحيث يتم تعديل النتيجة المتوقعة من صاروخ فضائي إلى طائرة هوائية، أو يتم تزويد المشروع بكل ما يلزم ليتم إخراج ذلك الصاروخ الفضائي، أو قد يتم إلغاؤه، وحتى يحدث هذا الأمر عليَّ أن أقوم بعملي بكل صدق واحترافية كما هو متوقع مني كمدير للمشروع.

٢) إدارة المخاطر:
فكرتها تدور حول توقع أسوأ الأشياء التي يمكن أن تحدث خلال تنفيذ المشروع، وبالتالي يتم وضع خطط احترازية لتلافي تلك المخاطر أو التعامل معها لحظة حدوثها، وهذه بحد ذاتها مهارة غاية في الأهمية والروعة. ففي لحظة الاجتماع مع أعضاء فريق المشروع، تحدث جلسات عصف ذهني جماعية يتم خلالها تدوين كل المخاطر المتوقعة، بحيث يكون الجميع كما يقال بالعامية "على نور" وقت المضي قدماً والبدء بالتنفيذ، ولا نكتفي فقط بذكر تلك المخاطر أو المصائب التي من الممكن أن تحلَّ على رأسنا، بل يتم التخطيط لاحتواء تلك المخاطر ويتم تفصيل الكيفية التي سيتم من خلالها ذلك الاحتواء ويتم أيضاً تعيين شخص بالاسم مسؤولاً عن تنفيذ الخطة البديلة لحظة حدوثها.

عندما كنت أجلس خارج العمل في جلسات عامة وأطرح فكرة إدارة المخاطر، كنت أستغرب من ردة فعل البعض، فقد كان يرى في ذلك تشاؤماً، فهو يعتقد أنه يجب علينا أن نكون إيجابيين ولا نتوقع سوى الخير، فكنت أرد على تلك العقول البسيطة وأسألهم سؤالاً واحداً.. ماذا لو حدث الشر؟ كيف ستتصرف؟ وكان الرد أبسط من الذي قبله "يا أخي إنوي الخير وتوكل على الله ولن يحدث شيء!"، وكنت أتذكر وقتها قول الصحابي الجليل «حذيفة بن اليمان» يوم قال: "كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يُدركني"، فقد كان -رضي الله عنه- يريد من هذا السؤال أن يكون جاهزاً للتعامل مع ذلك الشر -إذا أدركه- حتى ينجح، ولم يكن رسول الله يوبخه لتلك الأسئلة ولم يكن يُذكِّره بالتفاؤل والإيجابية، لأنَّ الشر موجود على الأرض ولا بد من أن يطالنا جميعاً في أوقات مختلفة من أعمارنا.

في الحقيقة الغالبية الساحقة من الناس لا تدري التعريف الصحيح للتشاؤم، فنسبة لا بأس بها تعتقد بسلبية الشخص الذي يذكر الصعاب التي يمكن أن تعترض تقدمنا في الحياة، والحقيقة أنَّ هذا ليس تشاؤماً، ولو كان الأمر كذلك لما أصبح لدينا علم من علوم الإدارة يُسمى "إدارة المخاطر" كما ذكرتُ آنفاً، فليس التشاؤم توقع الصعاب، ولكن التشاؤم هو عدم الإيمان بحقيقة أنه يمكن التغلب على تلك الصعاب، والأمر يحتاج إلي إدراك وبحث وتخطيط..

- إدراك لتلك الصعاب من خلال الإقرار بها وعدم إنكارها بحجة التفاؤل والإيجابية الزائفة، لأنها شئنا أم أبينا هي حقيقة واقعة لا محالة.
- البحث عن حلول ممكنة للتغلب على تلك الصعاب، والخبير المُجرِّب يعلم أنه لا توجد مشكلة في الدنيا إلاَّ ولها حل.
- التخطيط لكيفية تطبيق الحلول التي تم الوصول إليها خلال البحث.

حتى لو نظرنا إلى السياق القرآني، فسنجد أنَّ الله سبحانه وتعالى ذكر المخاطر والمصاعب التي تحيط بالعبد في الدنيا والآخرة من جحيم وسعير إذا لم يتم اتباع أوامره والعمل على توخي الحذر. تخيل لو أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يذكر لنا شيئاً في كتابه العزيز عن القيامة وأهوالها ولا جهنم وعذابها، وذكر فقط الجنة ونعيمها؟ كيف يمكن للإنسان الانتباه لها؟ بل كيف يمكنه أن يرفع من همته إن لم يكن يعلم الأمور التي هو مُقدم عليها؟

اليوم مع الأسف الشديد، ابتُلي العالم بنوع رخيص من التجارة، تجارة تعتمد على بيع الوهم للناس، وأُطْلِقَ عليهم منذ سنوات لقب يستحقونه بجدارة "تجَّار الإيجابية"، وهم جماعة عملوا على تحريف علوم التنمية البشرية العظيمة المبنية على الحقائق، وجعلوها مبنية على أحلام لا يمكن لها أن تصبح حقيقة، ليس لأنَّ الأحلام لا يمكن تحقيقها، ولكن لأنهم أوهموا الناس بأنَّ النوايا الحسنة وحدها كافية لتحقيق تلك الأحلام، بحجة الطاقة الإيجابية التي ستخرج من العقل والجسد لتذهب إلى ما نريد تحقيقه ليأتي بين يدينا.. يا سلام!

2016-02-11-1455207997-2005969-FakeHumanDevelopment.jpg


يوم بدأت الكتابة عن كندا لتوعية الراغبين بالهجرة إليها، كان -وما زال- بمقدوري العمل في هذه التجارة الرخيصة، لأروج تنمية وهمية ليس لها وجود، بل والعبث في أقدار البشر بحجة الإيجابية الزائفة والنظر إلى نصف الكأس الممتلئ، ولكن لأني أخاف الله وأعلم أنَّ أصل النجاح هو عدم الانفصال عن الواقع والاعتراف بمصائبه كما هي من دون تزييف، لم أسمح لنفسي بذلك الاتِّجار الرخيص بعقول الناس.

وقعت منذ أيام على دراسة علمية في هذا الشأن تثبت نجاعة منهجي، إذ تقول الدراسة: (الغارقون في التفكير والخيال الإيجابي أكثر عرضة للاكتئاب السريري)، وقد يُخيل لك من العنوان أنَّ الدراسة تنتقد الإيجابية.. ولكنها ليست كذلك، إنما تنتقد الإيجابية الزائفة والتي تؤدي إلى العزوف عن العمل والاكتفاء بالأحلام والنوايا الحسنة.

يقول العلماء القائمون على تلك الدراسة إنَّ الترويج لتلك الإيجابية الزائفة تشجع الناس على الاطمئنان والتلذذ بنجاحهم في وقت سابق لأوانه داخل أفكارهم وخيالاتهم، الأمر الذي سيؤدي إلى تقليص جهودهم الحقيقية في عالم الواقع لينعكس سلباً على أدائهم، وبالتالي تنتج الأعراض الاكتئابية نتيجة الفشل المؤكد الذي كان من الممكن تلافيه لو كان هناك إدراك وبحث وتخطيط لحقيقة ما يجري على أرض الواقع، وهذا الاطمئنان الذي ركنوا إليه في وقت مبكر جعلهم يتوقفون عن البحث والتخطيط والعمل الجاد.

النجاة من تلك الإخفاقات سهل لو تعلمنا مهارات التفكير الواقعي والإدارة الناجحة، فقبل الشروع في أي أمر -كالهجرة مثلاً- أولى بنا تخفيض سقف التوقعات، الأمر الذي سيجعلنا نستمر في البحث والعمل لإتمام ما ننوي القيام به بنجاح، وثانياً توقع أسوأ الأشياء التي يمكن أن تواجهنا خلال مشروع الهجرة، ومن ثم وضع خطط عملية لإدارة تلك المخاطر والتي يمكن أن تُجهز على كل آمالنا في أي نجاح في ذلك البلد الذي ننوي الهجرة إليه إن لم نعلم عنها ونتداركها.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

دبي.. مدينة لا تعرف "حاتم"

$
0
0
أخيرا زرت دبي.. متسلحة بكل الفشخرة الفرعونية والعنصرية المصرية تدثرت لأواجه عواصف السمعة الدُّبَيَّاوِيَّة التي طافت أرجاء المعمورة زهوًا.
فكرة أن هناك مدينة أو دولة عربية تفوق مصر "التي في خاطري وفي دمي" جعلتني ما بين خاطرين متناقضين.. الأول أنني كمصرية نشأت على أن أبادل الشيخ زايد حبًّا بحب، وبالتالي فكل ما يمت للشيخ زايد هو قريب من القلب.. ناهيك عن أن عروبة دبي تبعث في النفس الفخر.. لكنني لم أستطع أن أمنع النفس من الحسرة على حال القاهرة.
ما بين هذة المشاعر العاصفة المتناقضة كانت زيارتي..

الانطباع الأول عن المدينة كان أنها ليست أجمل كثيرا من القاهرة وضواحيها.. شعرت أنني أتجول في التجمع الخامس أو مدينة السادس من أكتوبر.. أو حتى المعادي بفيلاتها الأنيقة وشوارعها الجميلة
وأشجارها العريقة.. باستثناء ناطحات السحاب المبهرة بكل المقاييس، شكلًا، وعمارة ، وزخرفة.. أحسست أن مصر بها أماكن أكثر جمالًا وأناقة.
ويبدو أنه نظرًا لأنني "دقَّة قديمة" وأفضل الطُّرُز المعمارية القديمة، فقد فقدت الناطحات الباسقات في سماء دبي ميزتها عن القاهرة.

طُفت المدينة وسعدت بل انبهرت بكل وسائل الرفاهية والإمتاع، لكن ما بهرني أكثر كان الآتي:
دبي بلا "حاتم"..
على مدار أسبوع لم أرَ عسكري مرور واحد باستثناء مرة.. ارتكب سواق التاكسي غلطة وإذا بالمصباح السحري يطلق فجأة ومن اللامكان عسكري أنيق حازم صارم يحمل كل صرامة وهيبة القانون.. لا لجان على الطرق لا وظيفة لها سوى تعطيل المرور أو جباية الإتاوات.. أجل إتاوات! أدركت في دبي أنها إتاوات.. ليس الغرض منها ردعك عن مخالفة القانون بقدر ما الغرض منها تقليبك بقرشين.. فالغرامة هناك آلاف من الدراهم تتضاعف مع مماطلتك في الدفع.. بينما عندنا مبلغ تافه لن يردعك بالطبع لكنه سيملأ جيب حاتم. ودبي مدينة لا تعرف حاتم بل تعرف القانون والنظام.. نظام يمنع شيطانك إذا راودك على مخالفة القانون.. نظام يستعمل عساكر من الستالايت والكاميرات لا تعرف "الدخان" ولا "الشاي بالياسمين" ولا "إنجز وخلَّص نفسك".

إحنا آسفين يا خط يا أبيض..
الخطوط البيضاء على الطرق طلع ليها شنة ورنة، آه والمصحف! خطوط للسيارات وخطوط للمارة
وخطوط لسيارات الخدمات.. لا يسمح بلمس الخطوط إلا لسيارات الخدمة المدنية كسيارات الإطفاء
والحريق .. والغريبة أن السيارات تفسح الطريق لسيارة الإسعاف لتمر لوجهتها بمنتهى السرعة.. إن شالله أنشك في نظري إن كنت باكذب.
كنت سعيدة جدا وأنا أستعمل الخط الأبيض في بلد عربي.. لقد وقعت في غرام الخط الأبيض وكان نفسي أبوسه وأنا مغادرة دبي لأنه هايوحشني في مصر.. فالخط عندنا وإن كان نفس اللون إلا أننا -والله أعلم- نظن أنه من أجل زخرفة الأسفلت.

التاكسي في دبي.. التاكسي هناك حاجة كده كفيلة بفقع مرارة أي مصري.. عندهم حاجة كده اسمها مكان انتظار للتاكسي ومينفعش تركب تاكسي عادي كده من الشارع زي خلق الله.. لازم تاخده من مكان انتظاره.. ودي حاجة لا تستغرق وقتًا بالمرة، والتاكسي مزود بجهاز أسطوري اسمه عداد، وتركب من غير ما يسألك مقدمًا عن المكان اللي إنت رايحة ويشغل العداد أول ما تركب، وخد التقيلة بقى.. تدفع المبلغ بالسحتوت زي ما في العداد.. وتاني إنشالله أنطس في نظري إن كنت باكدب، والسواق لابس يونيفورم قيمة وسيما، تقولش عريس ليلة دخلته.

دبي مدينة زبادي خلاط
ولعل الميزة العظمى التي تمتاز بها دبي من وجهة نظري والتي تفوق ما سبق هو هذا التناغم الرائع
وهذا النسيج الذي يشبه الدانتيلا في تشابك خيوطها ونعومة تطريزها بين جميع الجنسيات والألوان
والديانات.. إن لم تكن تعرف أن دبي مدينة عربية فقد يلتبس عليك الأمر وتَحَار.. اللغة الرسمية تقريبا للمدينة هي اللغة الإنجليزية.. والناس التقوا من كل حدب وصوب شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، ترى المجموعات وقد تناغمت أصفرها وأبيضها وأسودها، مسلم مسيحي هندوسي ملحد. مثال مصغر للكرة الأرضية. لكنه مثال رائع على إمكانية التعايش وقبول الآخر.. ميزة قبضت على معدتي بقسوة وأنا أتذكر وطني الذي يبعد سويعات قليلة وقد اصطفت جماعات شتى كل منها يبرز أنيابه للآخر والتي قد اصطبغت بدمه أو بان أثر لحمه بينها.

عدت وأنا أقول إن هذه المدينة تستحق بجدارة لقب مدينة السعادة، ليس لكل ما سبق، فكثير من الدول الغربية سبقتها إليه بكثير، لكنها تستحق اللقب لأنها اختصرت السنين والمسافات والحضارات، وبالرغم من كونها مدينة تشاركنا شرقنا الأوسطي بكل متناقضاته وآلامه وعقليته. بل إن القاهرة كانت تسبقها بسنوات ضوئية منذ أقل من خمسين عامًا، إلا أنها استطاعت وبجدارة أن تتغلب على كل ظروف المنطقة ومعتقداتها وظروفها، وحلقت بعيدا في سماء أخرى، أكثر رحابة وتقدما، بل وتخطت تلك السماء بحثا عن جنة السعادة، وعلى ما يبدو أنهم سمعوني.. إذ هي ساعات من عودتي و قرأت خبر تعيين وزير للسعادة "أي خدمة يا دبي". واستغربت أني حلمت كثيرا وقلت كثيرا وثرت كثيرا وما سمعتني بلادي
عدت وأنا أحني الرأس إجلالا لشعب استطاع أن يصنع من الفسيخ شربات، شربات طوقت سمعة حلاوته الآفاق واشتهت الدنيا تذوقه.

عدت وفي مخيلتي أهرامات الجيزة والمعابد وأماكن الغوص والصيد والمحميات الطبيعية والمغارات
والعيون الكبريتية ورمال الاستشفاء وواحات السفاري وأماكن العبادة والبحيرات العذبة والمالحة
والشواطئ المتنوعة والحياة البرية النادرة. ولسان حالي يردد فقط "هااااار إسوخ يا جدعان".

ملحوظة:
قد يكون ذلك الانطباع الذي كونته عن إمارة السعادة يفتقد للكثير من الحقائق والمعلومات، لكنه كعين الطائر الذي رصد إجمالا الأرض التي تحته دون التعمق في تفاصيل.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

الربيع اليمني في ذكراه الخامسة.. ما له وما عليه

$
0
0
القراءة الموضوعية للواقع اليمني، لا بد أن تأخذ منحى تفكيك مفردات الواقع المأزوم والشائك والمعقد، الناجمة من قوى عصبوية متسلطة، تسعى بمنطق التغلب بالعصبوية والجهوية، وبسيكلوجية القهر وثقافة العنف، وبفائض ما امتلكته من قوة من قوت ملايين اليمنيين؛ لفرض حكمها وإدارتها لشؤون اليمن، بما يتفق مع أهدافها، ويجسد مصالحها، التي تقف على النقيض من مصالح الشعب اليمني، ما يجعل أزمة الحكم، هي الملمح الرئيس في المشهد اليمني، وستظل كذلك، حتى يتوصل اليمنيون لاتفاق لصيغة جديدة للحكم، لا تقتصر على معالجة شكل الحكم، وطريقة الوصول إليه، بل تتناول عقلية الحكم، التي لا يُقصد بها عقلية الحكام، بل آليات نظام الحكم في ممارسة سلطاته وحدودها.

عند وقوفنا بهدوء وتمعن على الوضع اليمني، قبل ثورة 11 فبراير/شباط 2011م وبعدها، نجد بما لا يدع مجالًا للشك، أنه لم يجرِ أي تعديل في مسار نظام الحكم في اليمن، وتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يعني ذلك أننا في صدد، تبرير إخفاق الربيع اليمني، في الوصول لأهدافه، التي من أجلها اليمنيون أشعلوا ثورة شعبية سلمية، شهد لطهرها الأعداء قبل الأصدقاء، وإنما محاولة منا لوضعه في سياقه الطبيعي..

وفي الغالب يورد كثير من المهتمين بالشأن اليمني، عدة أسباب تفسر الانتكاسات، التي تعرض لها ربيع اليمنيين، والتي توجت بانقلاب 21 سبتمبر/أيلول 2014م منها: جرعة المشتقات النفطية، وتقاطع مصالح قوى يمنية وأطراف إقليمية، في القضاء على مراكز قوى الإخوان المسلمين العسكرية والاجتماعية والسياسية، لكن تلك الأسباب لم تكن إلا أعراضًا لمتلازمة أساسية، هي تعاطي الرئيس عبدربه منصور هادي، مع المرحلة الانتقالية، وفق نمط وعقلية الحكم، التي اعتمد عليها سلفه المخلوع علي عبدالله صالح، مع الافتقار للشفافية والمحاسبة، وإذا كان الصراع الدائر في الساحة اليمنية، قبل الانقلاب على المرحلة الانتقالية، بدا وكأنه صراع بين حزب التجمع اليمني للإصلاح وقواه العسكرية والقبلية، والحوثيين وأنصار المخلوع علي عبدالله صالح، فإنه اليوم يأخذ ببعده الداخلي طابعًا آخر، هو الصراع بين السلطة اليمنية الشرعية، ومليشيات الانقلاب الحوثية والصالحية، بيد أنه يتوارى خلف هذا الصراع العنيف، أزمة صراع على الحكم، استبدلت الموجهات الوطنية الدستورية والقانونية، الضابطة لهذا الصراع، بموجهات عصبوية مذهبية، ولَّدت في المجتمع اليمني انقسامًا طبقيًّا حادًّا للغاية.

هناك عوامل تَمَكَّن حلف الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبدالله صالح من توظيفها؛ للقيام بانقلاب على ثورة 11 فبراير 2011م ومخرجاتها، يأتي في مقدمتها، استغلال وجود تناقض، بين أسباب وغايات وطموحات ثورة 11 فبراير، وبين اختزالها بقوى تقدمها، وكأنها صراع على المكاسب السياسية، والوصول لسدة الحكم، إضافة لوجود عملية ثورية، يغيب عنها أطر لقوى ثورية، بمقدورها الاستفادة من هذه العملية، ودفعها في المسار الصحيح، وحتى يتاح لليمنيين فرصة لبناء دولة مدنية، ذات نظام حكم وطني ديمقراطي، وكي يذوق اليمنيون طعم ربيعهم، وثمار تضحياتهم الجسيمة، في كل مراحل نضالهم الوطني، فإن عليهم أن تكون جهودهم الثورية منظمة، وتحت قيادة جماعية، قادرة على ترجمة طاقاتهم الثورية، لمشروع سياسي وطني قابل للتنفيذ.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

هل يساهم التحطيب في تدمير البيئة؟

$
0
0
في مطلع تسعينيات القرن الماضي كانت هناك أغنية لمجموعة من الأطفال تظهر دوماً في القناة الوحيدة آنذاك للتلفزيون اليمني الرسمي تشجع الفتيات الصغيرات على الالتحاق بالمدارس، حيث تظهر في هذه الأغنية فتاة اسمها "سلمى" تقوم بجمع وإشعال الحطب وتساعد أمها في أعمال المنزل.. وأثناء ذلك تمر عليها فتاة أخرى اسمها "هند" تسلم عليها وهي تحمل حقيبتها المدرسية ومتوجهة للمدرسة..
"ســلمى فــي البــيت تقيــد حطــب ... وصــديقتها هنــد تـــدرس"..
هكذا كانت افتتاحية هذه الأغنية التي لاقت رواجاً كبيراً في حينها وساهمت في تشجيع الآباء على تدريس بناتهن وخصوصاً في المناطق الريفية..

في وقتنا الحالي انتشرت طرفة في مجتمعنا اليمني تقول إن الفتاة "سلمى" التي ظهرت في تلك الأغنية قد كبرت وأصبحت ثرية من خلال جمعها وبيعها للحطب، وأن صديقتها "هند" هي الأخرى كبرت وأصبحت تشتري الحطب من "سلمى"..
المجتمع اليمني لم يطلق تلك الطرفة إلا من خلال الواقع الذي فرضته ظروف الحرب الحالية، والتي تسببت في توقف محطات الكهرباء لشهور عديدة وانعدام المشتقات النفطية وزيادة أسعارها، وانعدام الغاز المنزلي المستخدم للطهي، مما حدا بالمواطنين للعودة مجدداً إلى تقطيع الأشجار وجمع الحطب
واستخدامه كبديل للغاز المنزلي في طهي الطعام، وكبديل أيضا للسخانات وأجهزة التدفئة المنزلية، وبالتالي فإن الحرب الحالية شكلت ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني وأحيت عادة "التحطيب الجائر" التي كانت تتواجد فقط في الأرياف وجعلتها تشمل المدن أيضاً، مما ساهم ذلك في إهدار الموارد البيئية، وتدهور الأراضي الزراعية بدلاً عن استصلاحها وتحسين وسائل الزراعة فيها.

يدخل وصف الشكل العام للأراضي اليمنية في إطار ما يسمى بالأراضي الجافة، وهي تلك الأراضي ذات الغطاء النباتي الضئيل، ولا يوجد فيه إلا عدد قليل من الأشجار، بالتالي فإن ظاهرة التحطيب الجائر وجمع الأخشاب ساعدت على تدمير ذلك الغطاء النباتي وقد لا يدرك المواطن العادي خطورة عملية التحطيب الجائر المستمرة للأراضي والمسطحات الخضراء على المدى الطويل وخصوصًا في المناطق ذات البيئة الصحراوية؛ لأنها تساعد في المقام الأول على حماية الإنسان من حرارة الشمس، وخصوصًا في فصل الصيف، وتعمل على حماية المدن من الرياح الشديدة المحملة بالأتربة عندما يتم تنظيمها كأحزمة خضراء حول المدن، وهذه الخطوة تساعد في تخفيف زحف الرمال نحو المناطق السكنية، ولعلنا نستشهد بأهمية مثل هذه الأحزمة بالناشطة الإفريقية "ونفاري ماتي" التي فازت بجائزة نوبل للسلام عام 2004م من خلال تأسيسها لحركة السلام الأخضر التي زرعت أكثر من 35 مليون شجرة حول المدن لتكوين بيئة نظيفة وسليمة.

ولا ننسى أن الأشجار هي العامل الأساسي في تشكيل منتزهاتنا وحدائقنا، وهي التي تضفي بهاءً وجمالاً عليها يوحي بالهدوء والطمأنينة، لأنها تعمل على تنقية الجو وتخفيف الضوضاء، وربما تحمل معها ذكرياتنا من الطفولة مرورًا بعنفوان الشباب وانتهاء بهرم الشيخوخة بسبب نشأتها في موضع ثابت على مدار العام لا تتبدل وإنما تنمو بشكل أجمل.

لكي نحافظ على أشجارنا من التحطيب والتدمير لا بد من التركيز على نقاط مهمة يأتي على رأسها احترام الشجرة وزرع المفاهيم التي تشجع على تربيتها في ثقافة مجتمعاتنا، وتشجيع الحركات والمبادرات التي تنادي بالحفاظ على البيئة والأشجار، وأيضًا تشجيع المزارعين للعودة إلى استصلاح أراضيهم وزراعتها بعد انتهاء الحرب، ودعم الأنشطة والجهود الرامية إلى تكثيف المحميات الطبيعية والحدائق والمنتزهات العامة.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

قالت لي: نعم، أريد أن أتزوج

$
0
0
حتى لو اكتست الحقيقة وجه السخرية، فهي تريد أن تتزوج....

تبحث عن نصفٍ أجمل منها...

عن نصف لا يجرؤ على اغتيال حريتها...

عن الجزء الأفضل في حياتها...

عن سعادةٍ ممددةٍ على كاهل الأمل...

يحدث أنْ تعلنَ امرأة رغبتها في الزواج علناً، وأنَّ صبرها قد شارف على النفاذ، وهي تنتظر فارسها لترحل معه وتودع عالم الآنسات، ولا يأتي!
تبحثُ عنه في فنجان قهوتها كل صباح، يظهر لها بانتظام وكأنه يَعِدُها عبر الرسومات المشوشة: سآتي يوماً... انتظريني... فتدمن القهوة بلهفةِ عاشقةٍ، وتدمن دعاء الباعة المتجولين على إشارات المرور، وتجود عليهم كلما جاء فارسها على هيئة دعاء.

تصطدم هواجسها المعلنة بمجتمعٍ يلومها، لا يعترف بحرب "الأستروجين" في جسدها، ولا بحقها بإعلان رغبتها، يعترف فقط بحقها بالانتظار بصمتٍ، مجتمع ربّى فيها المستقبل على أنَّه رجلٌ يمنحها لقبَ زوجة وأم، وقد حضر المستقبل وغاب الرجل!

على الجانب الآخر لوجه الحقيقة الساخر، هو يريد أن يتزوج، تبحث والدته عن زوجة له تبعاً لصكوك ملكية ابنها، شهادة ميلاده تحمل اسمها في خانة "اسم الأم"، تبحث عن مادة غنية تشبع صباحاتها النسائية.

مباحٌ له البحث عن زوجة في العلن، "التستوستيرون" لا ينتظر، وهو يريد أن يكمل نصف دينه، النصف الثاني هو الأهم، لا يهم نصف دينه الأول.

من يقر بأنه وإياها لهما ذات الرغبات والشهوات والأمنيات، وذات المجتمع؟

متى سنستأصل هذه الزائدة الفكرية الملتهبة من خاصرة المجتمع؟
مجتمع بحرفية شرقية مستعارة يكتب النصوص كلها وينصب نفسه المؤلف والناقد، سرد يجري دون وجهة، لا حجج منطقية لحبكته الدرامية، ونهايات مكررة، يصنع الأبطال دون بطولة، كمن يفضّل الحجارة السوداء على رقعة الشطرنج دون سبب، متناسياً أنَّ الحجارة هي ذاتها سوداء أو بيضاء، والرقعة ذاتها، ونهاية الملك هوالهدف ذاته.

وأما هي... حالمة في مهب الزيف، فمن يحترم حُلم أنوثتها وحِلْمَها؟ تعدُّ نجوم الأيام أمام فوهة العمر، وإصرار الأمومة، وإغواء الهرمونات، وسَوْرة حبٍ مشتهى.

تباً للعناق المنتظر بفارغِ النفاق.

جلنار

جدلية الإصلاح والتغيير والحاجة الى الخيار الثالث

$
0
0
الإصلاح والتغيير: رؤى مختلفة في معالجة التخلف

هناك حاجة ماسة لتفكيك مفاهيم عدة كانت، وما زالت تشغل بال الباحثين والتيارات الفكرية والسياسية التي تشتغل في ميدان الثقافة والسياسة والاقتصاد والفن، من بين هذه المفاهيم تلك التي أسالت الكثير من المداد وساهمت في تشكيل الوعي لدى النخبة والمجتمع في العالم الإسلامي، ونقصد مفهومي "الإصلاح" و"التغيير".

فقد سيطرت على ذهنية المفكرين العرب، وعلى الخطاب العربي الحديث، مسألة التغيير والإصلاح في تجلياتها الإشكالية وأسئلتها وبقضاياها المعرفية والاجتماعية، حيث بلور العقل العربي هذه المفاهيم في سياق تراكمه النظري والمعرفي، خصوصًا مع بداية النهضة العربية بسبب الصدام العسكري والثقافي مع الغرب، سواء في شقيه الإمبريالي أو الحداثي.

فغالبا ما فهم من الإصلاح كونه "تصويب ما اعوجَّ في مسار، أو تآكل في قوام، وتجديد له يطابق الأصل الذي منه انحدر، أو إعادة ترميم المجتمع أو الثقافة أو سوى ذلك مما يمكن أن يدخل في دائرته"، وهو فهم يطابق ما ذهبت إليه أغلب التوجهات السلفية، التي لم تكن قضيتها سوى تحقيق الماضي في المستقبل على اعتبار أن المستقبل الأمثل ليس إلا ذلك النفي الحازم للحاضر في صورة استعادة لماض انزوى في زاوية النسيان.

في مقابل الإصلاح كان الند والغريم التقليدي له "أي الثورة" مناقضًا لما ذهب إليه رواد الإصلاح، فالثورة لا تقوم إلا بتدمير النظام القائم ونفي مرجعيته التي استند إليها، بذلك يهدف إلى الهجوم على هدف الإصلاح (النظام الأصل).
بعد تبيان الفرق بين المتضادين، لا بد من التذكير بوجود لحظات صدام بين التيار الليبرالي والتيار الإصلاحي إن شئنا التعبير عنه بالتيار المحافظ الذي يؤمن بضرورة إحياء التراث وإصلاح الأوضاع بما يجعلها تتصالح مع الماضي، هذه اللحظات بدأت مع توظيف الوعي السلفي للأفكار الحديثة والمناهج الجديدة لخدمة قضية إيديولوجية "النضال الوطني ضد الأجنبي" ليتحول بعد ذلك إلى حرب طاحنة ضد المرجعية الثقافية للغرب المستعمر، فكون علاقته مع الغرب بالانفتاح المعرفي عليه والعداء الأيدولوجي له، وهذا ما جعله يحارب كل فكرة مستوردة من منبع الأنوار "أوروبا الحديثة"، مما جعل التيار الذي يتبنى الثورة على الماضي بكل تجلياته الاجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية يستخدم كل الأسلحة الفكرية والمنهجية لمحاربة الإصلاح من الداخل ومناهضة الأفكار السلفية بشدة لم يشهد لها التاريخ الإسلامي مثيلًا "انظر كتابات مهدي عامل وحسين مروة وحسن الأعظم وغيرهم"، مما ترك الباب مفتوحًا أمام كل الانتقادات موجهةً من كل الأطراف ومتنافسة في قوة الردود فيما بين التيارين، وهذا ما فوت الفرصة أمام صناعة تغيير حقيقي أو إصلاح جذري للأوضاع وترك الأمة في ضياع بسبب تغييب قيم العقلانية أو على الأقل استغلالها في نقيض لجورها وفي محاربة التيار السلفي.

ومما زاد الطينة بلة، هو تلك الإشكالية العويصة التي كتب فيها الكل بجميع تلويناتهم الثقافية والسياسية، وتوالت الاتهامات.. فتيار التغيير "أو العلمانيون الجدد" يتهمون الوعي السلفي بالهروب من مشاكل الحاضر إلى الماضي واتهامه أنه يعيش على الماضي ويتعيش منه (نسبة إلى الكثير من الفقهاء الذين تحولوا إلى يد للسلطان أو للرؤساء في الدول)، وبرغم أن مسألة الاهتمام بالتراث كانت بسبب حقيقتين، لن ينكرهما إلا جاحد:

الأولى ترجع إلى حالة الإخفاق والانسداد التي ولجتها البلاد العربية منذ مطلع العقد السابع من القرن العشرين، بعد تعرض مشروع النهضة والتقدم فيها إلى حالة انتكاسة فادحة أتت تعبر عنها الهزيمة العسكرية، والإخفاق الاقتصادي،الانسحاب الاجتماعي، والانهيار الثقافي.

والثانية حقيقة ثقافية مرتبطة بحالة تأجيل أسئلة الماضي وإخفاق الحاضر، مما وسَّع الهوة والفجوة بين قراءة التراث بموضوعية قصوة بسبب تراكم الإشكالات وتزايد التناقضات وتدخل الإمبريالية في تشتيت الصف الوطني، إما عبر خلق نقيض داخلي أو دعم انقلابات عسكرية تدعي الليبرالية أو القومية والاشتراكية.

إذن فمعركة تأويل التراث، ومحاولة امتلاكه والسيطرة عليه واحتكاره من حيث هو رأسمال رمزي بتعبير عبد الإله بلقزيز هي في جوهرها معركة تأويل الحاضر وامتلاكه واحتكاره (إنها معركة اجتماعية وسياسية من أجل تحقيق السيطرة المادية). إنها نوع من الحرب من أجل السيطرة (السيطرة بالسلطة العلمية أو الدينية أو السياسية أو العسكرية باستغلال التراث في كل تجلياته).

بعد التراث، وقع نفس الأمر للعلمانية، فسالت المداد كما سالت الدماء في كثير من الأقطار وحتى في مراكز العلم والثقافة (أي الجامعات)، فتارة هناك من يهاجهما بكونها عقيدة جديدة فحوَّل المعركة من المعرفة إلى الدين، وهناك من دافع عنها باعتبارها نقيضًا لكل الماضي بما فيه التراث وتاريخه وأعراف المجتمع، وغابت الحقيقة عنهم أجمعين، إلا من أدرك الحقيقة التاريخية "للعلمانية"، ولا بد هنا من تذكير بسيط وغاية الأهمية، وهو ما ذهب إليه عبد الإله بلقزيز في تعريف للعلمانية لتنبيه التيارين بمخاطر الوقوع في التضاد والصدام بدون فهم عميق لجوهر العلمانية، فهي في نظره كما تبلورت في أصولها النظرية وحقلها التاريخي عند الأوربيين، يرتفع بها من تصور الفريقين (الإسلامي - العلماني)، فلا تكون شيطانًا رجيمًا نتعوذ منه كما لا تكون رسولًا بعث فينا سياسيًّا لتحقيق رسالة الحداثة والتقدم بعد أن انسدت في وجهنا الآفاق.

الحاجة إلى طريق ثالث "إعادة البناء"
ورغم أنه منذ اللحظات الأولى لزمن النهضة مثل الأفغان وتلميذه محمد عبده لحظة تركيبية بامتياز بين الرافدين الأصالي والحداثي، حيث تجاوز الصراع العقيم بين الأزواج المفهومية (القديم/الحديث)، (العلم/الدين)، فعلى سبيل المثال كان محمد عبده أستاذ الزعيم الليبرالي لطفي السيد وأستاذ الزعيم السلفي رشيد رضا، فلماذا تم إقبار هذه التجربة الفريدة التي أصَّلت لفهم جديد يتجاوز التناقضات القديمة ويحل مكانها ماسماه بلقزيز بـ"إعادة البناء"، أو ما يطلق عليه حاليًا مجموعة من المثقفين المغاربة والأجانب بـ"الطريق الثالث أو الخط الثالث"، خصوصا بعد بروز قوة جديدة في أوروبا لا تكنُّ للإسلام والمسلمين العداء كما كان سابقًا، هذه القوى التي استطاعت أن تبرز بإسبانيا واليونان (بوديموس، تيريزا)، وقد ساهم كذلك إلى جانب هذه الظروف الدولية المفكر المغربي حسن أوريد في نحت هذا المفهوم وإطلاق المصالحة بين الحداثة والدين، من خلال استعادة الفكر المغربي الوطني وربطه بروح الحداثة.

فماذا نعني من "إعادة البناء" أو الخيار الثالث؟
بعد تجربة إخفاق الثورة في فهم ذاتها وتاريخها ومجتمعها الخاص (في العالم العربي والإسلامي) وبعد نضوج النزعة الواقعية والتاريخية لدى مجموعة من النخبة كانت في وقت سابق تؤمن بالثورة كأيدولوجيا مما حجب عنها الواقع، هذا النضوج قاد إلى نوع من إعادة النظر في مجتمعها وفكرها في موقع نسبي وتاريخ أفضل من موقع فكرة "الثورة"، هكذا تبلوت فكرة "إعادة البناء" من موقع المصالحة مع التاريخ والواقع، وبوصفها عملية تمثل منظورًا للتغيير كإمكانية واقعية وليس كتصورات مثالية وإمكانية ذهنية مجردة.

يعني كما قال العروي "أهمية الحركات الإصلاحية تكمن في فعاليتها الإصلاحية لا في عمقها الفكري
(ص 36) من كتابه مفهوم الحرية، وبالتالي الخيار الثالث -بالإضافة إلى تبينيه قيم العقلانية والديمقراطية وحقوق الإنسان- فهو لا ينخرط في المعارك الهوياتية التي تفقد التضامن الشعبي لمن يهاجم الدين مثلا، أو الأعراف، أو بعض التقاليد في المجتمع، بل قدرته القوية في ربط الدين وهذه الثقافات بروحها بما لا يتناقض ومستلزمات حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية والعقلانية، وفي إعطاء التفسير الحقيقي للعلمانية الذي تلخصه في كونه مجرد علاقة سياسية بين الدولة والمجتمع، أي بين السياسة كتدبير جماعي والثقافة كتصورات كلية، إنها تقنية لإضفاء النسبية على السياسة على حد تعبير المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز، انظر كتابه "أسئلة الفكر العربي المعاصر".







ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حين عادت منى

$
0
0
كفى بهذه الحياة زيفًا أن يكون الموت هو الحقيقة الوحيدة فيها التي لا تقبل التشكيك، وحسبها من اللذة أن تُنسينا هذه الحقيقة على الدوام.

مثلكم أنا ينتابني الفزع كلما شعرت بأن اسمي مدرج بقائمة استدعاء محتم تُركت خانة الموعد فيه فارغة يسكنها الترقب، مثلكم أحاول أن أبدو رابطة الجأش مستسلمة لقدر لم يثنِنِي عن محاولة فهمه سوى يقيني بصغر شأني وضآلة أحلامي التي تتشبث بالزيف الذي أعرفه مخافة الحقيقية التي أجهلها.

رغم أن الموت واحد ستجد له من الوصف والمشاعر والتفسيرات بعدد الأحياء الذين أفلت الموت أيديهم من أيدي أحبائهم، ولأن تفسير الموت مع الأموات يضطر الأحياء أن يبنوا جسرا من اللغة مع الموتى، يحولونه دون قصد منهم إلى حياة تخيلية مشتركة لا تُفزِع الأحياء من الموت ولا تُقصي الأموات عن الحياة.

ما زلت أتذكر تفاصيل تلك اللحظة، حين أخبرني شقيقي الأكثر صمتًا بأنه قرر تسمية مولودته الأولى
"منى" تيمنًا باسم شقيقتي الكبرى منى رحمها الله، الصديقة التي كشف غيابها عن قيمة حضورها الذي أخطأ المزيفون قراءته لفرط اعتدادهم بقدرة عقولهم على القراءة بدقة، ثم فهموا بعد مغادرتها أنها لم تكن ليقرأها عقل، كان بها من الصدق ما يجعلها عصية على العقل فمثلها لا يُقرأ إلا بقلب لا يخالط إيمانه عقل.

أتذكر حنقي الشديد على كل الذين أشادوا بلفتة شقيقي الأصغر حين وضع بذرة تُنبِت منى بمنزلنا فتذكرنا بالدعاء لها. وددت أن أسدد لقلوبهم لكمة تحيي الشعور فيهم وتقتل الحكمة. وددت لو أنني وضعت يدي على أفواههم قبل أن تتلف كلماتهم تفاصيل الإياب الذي أنوي به العودة لمنى. وددت لو أنني أستطيع أن أصفعهم لأخبرهم بأن منى ما غابت قط، وأن غاب اسمها، كانت حاضرة تخرج من إطارات الصور تنسج من غيابها حكايات تُدثرنا كلما بردت أطرافنا لغياب أمي التي غادرت معها في نفس اليوم، وما زلت إلى اليوم أحاول أن أفهم بأيٍّ منهما كان القدر أكثر رحمة حين قرر أن لا يفلت يد إحداهما من الأخرى في الحياة والموت على حد سواء!

اليوم أتمت منى الصغيرة عامها الأول، وهي لا تُشبه منى إطلاقًا، ظللت أراقبها سنة كاملة، لم أبحث عن منى فيها ولم أسعَ لذلك، لكنني قبضت على نفسي متلبسة بابتسامة ذات مرة وأنا أقارن دون قصد مني بين منى الصغيرة المشاكسة حد التنمر ومنى التي كانت تكتفي بالصمت كلما اشتدت بها الحاجة للكلام.

اليوم أيضا تمثل منى الصغيرة المعنى الأكثر صدقًا للهدية الإلهية، بوجود هذه الصغيرة وبحضورها بهذا القدر من المشاكسة أضفت على الهدية قيمة أثمن مما كان متوقعا لها، وتلك هي الهدايا الإلهية لا تنفك تكشف لك عن صور للسعادة ما كانت لتخطر لك على بال. خلقت تلك الصغيرة قبل أن تتعلم النطق حكايات جديدة وضحكات جديدة وأحاديث عن المستقبل لا يسقط اسم منى من تفاصيله.

هكذا أرى منى الصغيرة، كيان جميل مشاكس مستقل يثبت أصالته واستحقاقه بأن لا يكون نسخة للتذكير، منى الصغيرة حالة متفردة تشي بتاريخ سيصنع لنفسه امتدادًا يليق باختلافه وتفرده. لكنني ممتنة لله وممتنة لقلب شقيقي وممتنة لتلك الصغيرة التي أعادت لي اسم منى، أعادت لأذني اسمها لأن مثل منى لا تغيب، يغيب اسمها فقط.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

ما الذي يعنيه اكتشاف موجات الجاذبية والثقوب السوداء؟

$
0
0
ما الذي يعنيه اكتشاف موجات الجاذبية والثقوب السوداء ؟
حينما تمكن الفريق العلمي الدولي بمؤسسة العلوم الوطنية في واشنطن وجامعة موسكو أنه تم اكتشاف موجات الجاذبية التي تحدث عنها العالم ألبرت آينشتاين منذ 100 عام مضت تساءل عدد لا بأس به من القراء ما الذي يعنيه هذا؟ وما يخصنا نحن؟

أولا لنطلع على القصة القصيرة في عام 1916 كان آينشتاين من خلال نظرية النسبية العامة التي وضعها قد أوضح أن الجاذبية مجرد تشوه في نسيج (الزمكان) ونتج هذا عن وجود المادة لكن لم يتمكن أي عالم من إثبات صحة النظرية العامة.

بالطبع تنبؤات النسبية العامة تتعلق بتمدد الزمن الثقالي وتشكل عدسات الجاذبية والانزياح الأحمر الجذبوي للضوء والابطاء الزمني الجذبوي.

ما كل ما سبق تلك كلمات كبيرة للغاية وكمواطن صالح لا يهتم سوى بقوت يومه ما الذي يعنيني من اكتشافات آينشتاين ونظرياته ألم يكفي ما حدث لي أثناء أعوام دراستي للفيزياء لقد نال مني قسطا لا بأس به من الدعوات في فترة الثانوية العام.

عزيزي المواطن الصالح لنظرية آينشتاين نتائج هامة للغاية في الفيزياء الفلكية مثل الثقوب السوداء بالإضافة لفكرة تقعر الفراغ بوجود المادي وهذا يعني أن الخطوط المستقيمة تتشوه بوجود الكتلة، لا زالت كلماتي صعبة.

ما الذي يعنيه هذا الاكتشاف؟ ألم تعرف بعد؟ الفكرة بسيطة لم نكن نسمع أية أصوات من الكون حتى أن ديفيد رايتز وهو المدير التنفيذي لمشروع LIGO (مرصد للأمواج الثقالية بالولايات المتحدة الأمريكية ويتكون من مرصدين أحدهما في هانفورد والآخر في ليفنجستون) قال ذلك بنفسه.

الأمر بسيط كان يمكنك قديما النظر للظواهر الفلكية كنت تتمكن من مشاهدة كل شيء لكن هل هناك أي صوت؟ الآن تستطيع سماع الظواهر الفلكية.

قبل 100 عام آينشتاين أكد أن تغير شدة الجاذبية في مكان ما بشكل مفاجئ نتيجة تغير طرأ فجأة فهذا سيؤدي لانتشار موجات الجاذبية بطول وعرض الكون بشكل مفاجئ وبسرعة الضوء.

تلك القدرة التي اكتسبها العلماء مؤخرا ستعطينا قدرة على الاستشعار بوجود موجات الجاذبية وهذا يعني أننا على وشك استكشاف الكون المظلم وهو الجزء الأكبر والأعظم من الكون وهو ما لم يتمكن أحد من رؤيته بالتلسكوبات الضوئية.

تخيل أن تكون قادرا على النظر إلى أعماق الكون وإلى أزمان أبعد في الماضي تخيل أن السفر بالزمن قد يكون متاحا بعد أن كان خياليا ذلك الاكتشاف عزيزي المواطن قد فتح أبوابا لا نهاية لها.

في نهاية المطاف قد نصل إلى أهم مشهد سمعنا عنه أو قرأنا فقط وهو مشهد خلق الكون في الانفجار العظيم هذا ما يعنيه هذا الاكتشاف لمن لا يفهمه.
نظرية النسبية العامة تعتبر واحدة من الركيزتين الاثنين للفيزياء الحديثة والأخرى هي نظرية الكم تخيل أن نصل إلى توفيق بين النظريتين السؤال مفتوح وبالتأكيد قد يجيب على أسئلة كونية.

فما يعنيه هذا الاكتشاف للمواطن العربي الصالح؟

بكل تأكيد لا يعني أي شيء على الإطلاق فالمواطن العربي إما منشغل بصراعات وطنه الداخلية أو صراعاته الخارجية أو يبحث عن قوت يومه أو مشتت خارج وطنه أو تحاربه حكومة وطنه فلن يسعه ذلك سوى أن يقرأ عن النظرية دون أن يفهم المغزى لكن اكتشاف صحة تنبؤات بعد 100 عام وبهذه الطريق هو أمر جلل.

هذا الاكتشاف مهم للغاية ولا مجال للسخرية منه تخيل أن تتمكن من معرفة قوة موجات الجاذبية الحقيقية هي أصلب من الحديد الصلب مليارات المرات وهذا يعني أن خلق تلك الموجات بحاجة إلى قوة هائلة لا يمكن أن تتم إلا من ظواهر فيزيائية خاصة مثل الثقوب السوداء فماذا لو كانت هناك عوالم موازية أخرى هل كان للمواطن العربي في تلك العوالم شأن آخر؟

السفر عبر الزمن والأكوان المتعددة

بالنسبة للثقوب السوداء فهي أكثر الظواهر إخافة تخيل أن تكون هناك منطقة في الفضاء تحتوي على كتلة كبيرة في حجم صغير وتتسبب الجاذبية بنوع خاص من الانهيار بتلك الثقوب وفي نظرية النسبية هو منطقة من "الزمكان" تمنع فيها جاذبيته كل شيء من الإفلات بما في ذلك الضوء.

دراسة هذه الثقوب قد تفتح عوالم أخرى تخيل هناك فرضية تتيح لنا القفز من ثقب أسود للخروج من ثقب أبيض وذلك باستخدام نظرية النسبية العامة فماذا لو كانت تلك الثقوب عامل ربط بين عالم موازي أو فرصة للسفر عبر الزمن؟

مشكلة السفر عبر الزمن تكمن في أنها قد تكون لطريق وحيد نحو المستقبل فقط وصعوبة السفر إلى الماضي وذلك بسبب التناقض مع السببية حيث أنه لا يمكن لتأثير أن يسبق مسببه، فهل نشهد ذلك أم نرى نظرية الأبعاد الفيزيائية والأكوان المتعددة؟



بين نيوتن وآينشتاين

نحن نمتلك مفتاحا جديدا لفهم الكون حاليا البعض يسخر منه جهلا وليس خفة ظل تخيل أن تحل أكبر لغز يقف أمام العلم نيوتن كان يرى أن الجاذبية موجودة ومن صنع المادة وقوة تجاذب أي جسمين في الكون تتناسب طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسيا مع مربع المسافة بين مركزيهما وهو ما يسمى بقانون الجذب العام.

في حين أن ألبرت أوضح أن الجاذبية موجات وتموجات تنقل الطاقة من خلال الكون وبالتالي فالعلم قد أنصفه بعد 100 عام.

هذه هي المرة الأولى التي يكتشف فيها بشكل مباشر وجود الثقوب السوداء وهي تتفق تماما مع ما توقعه العالم الألماني.

فلنتمنى أن يستمر العلم في اكتشافاته وأن يصحو المواطن الصالح على واقع أفضل يتمكن من خلاله من دراسة نظريات أينشتاين من أجل العلم لا من أجل تحصيل الدرجات الدراسية.




طالبة طب مصرية تكتب عن "اللحظات الفارقة" في نقابة الأطباء المصريين

$
0
0
هذه التدوينة باللغة المصرية العامية.


اليوم بدأ بدموع د. حسين خيري نقيب الأطباء ود.منى مينا عضو مجلس النقابة لما اشتغل السلام الجمهوري، دموعهم خلتني انا كمان أدمع وأحس أد إيه هما مخلصين والبلد دي فارقة معاهم فعلا.

لحظات كتير كانت عظيمة..

لحظة لما نقيب إحدى المحافظات سأل: "هوا فين وزير الصحة؟ مجاش؟ مش هيجي طبعا".. وبعدها إقتراح إقالة وزير الصحة وتحويله للّجنة التأديبية لتقصيره وتقاعسه، والحماس والتصقيف اللي ملا القاعة، وكل الكروت الخضرا اللي اترفعت.. كانت لحظة عظيمة..

لحظة لما نقيب الاقصر فكرنا بمين الجدعان اللي فضلوا في الشارع يأدوا واجبهم ويعالجوا المرضى ومين اللي استخبوا من يوم 28 يناير!

والنقيب الصعيدي اللي قال : "لو بالبلطجة فاحنا فينا صعايدة"!! وقال إن دكتور "مؤمن" اللي أمناء الشرطة اعتدوا عليه أصلا صعيدي، وكان يقدر يرد البلطجة ببلطجة، بس إحنا محترمين ومش أمناء شرطة!

لحظة دكتور حسين خيري لما بيزعق في المايك: "إحنا في الآخر مش هنعاقب أهلنا اللي بيدعمونا، المريض الغلبان، خناقنا أصلا مش معاه عشان هوا الي يدفع التمن"!!

لحظة اقتراح إن المستشفيات تكون زي المنشآت العسكرية، اللي يعتدي عليها يتحاكم عسكري! ولما الرد كان: "الرفض"! علشان مبدأ "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين".

ولحظة الاجماع على اقتراح تحويل جريمة الاعتداء على المنشآت الطبية أو الأطباء من جنحة لجناية والكروت الخضرا تاني ارتفعت في القاعة كلها من غير ولا كارت احمر!!
.. إحساس الاجماع على مبدأ كان عظيم

لحظات الخناق انه بلاش "هتافات سياسية".. وإنها "مهنية مهنية" والناس ترد بهتاف "الداخلية بلطجية" .. بصوت عالي ..
وأنا بهتف مع الهتافين في نفس الوقت، باهتف "مهنية مهنية" علشان تنجح الجمعية وما تتحولش لخلافات، وباهتف "الداخلية بلطجية" علشان الداخلية بلطجية فعلا

لحظات الخناقة لما اختلفت الأراء بين "الاضراب" أو "الامتناع"..
عرض اقتراح الامتناع عن العمل بأجر واللي كسب بأغلبية، والتأكيد إن الخناقة مع الوزارة مش مع المريض، مش المريض الي هيدفع التمن، الوزارة تدفعه.. بأن الكشف والعلاج يكون مجاني فمفيش عائد يرجع للوزارة!!
***
أنا حظي سيء إني مكونتش في مصر غير في آخر 2013.. ملحقتش أي أحداث في الأيام الحلوة للمرحلة الأولى للثورة.. وكان جوايا إحساس دايما إني بحسد كل الناس اللي عاشوا الثورة!

وكان نفسي أحضر يوم من أيامها، وكنت مستبعدة إنه يجي يوم ثوري تاني في الظروف الي إحنا فيها دي!
يوم الجمعية العمومية للأطباء بحشده، بهتافاته، بكل الناس اللي حضرت، وكان منها ناس مسافرة من أماكن بعيدة جداً عشان كرامتها، آلاف كلهم جايين عشان محدش يقول إنه يقدر يحط الجزمة على رقبتهم!

اليوم ده كان فيه حاجة حلوة من الايام اللي كان نفسي أحضرها.

وأنا ماشية كنت حاسة بفخر.. إن دي النقابة اللي أتمنى إنتمي ليها.. وإن ودول الدكاترة الي نفسي أكون زيهم.. وحسيت كمان ان القصر العيني واحشني جداً ، ووحشتني المذاكرة.

..من يوم ما اتحبست "إسراء"* تقريبا منزلتش الكلية ولا ذاكرت، يقيت أحس إن المكان غريب وبخاف أروح له.
حقيقي النهاردة حاسة إني بحب الكلية جدا، وواحشني أكون في المكان ده وعايزة اكون دكتورة ويكون معايا كارنيه النقابة.
حاجة كمان.. أنا مدينة لدكتورحسين خيري باعتذار كبير لسوء ظني فيه ..!!

انا أعرف دكتور حسين خيري من قبل لأنه كان عميد الكلية، الراجل ده حياته حرفيًا هي "الطلبة والمرضى".. راجل مهني لأقصى درجة، لما كنت بنزل الكلية الساعة 6 الصبح كنت ألاقيه موجود هناك..وكمان كان لازم يمر على العيانين الساعه 12 بالليل قبل ما يروّح.

طول الوقت بيلف في الكلية والمستشفى عشان الطلبة والعيانين، مالوش في الخناقات السياسية، لما عرفت إنه اترشح وكسب منصب نقيب الأطباء كنت بقول انه مش هينفع!! المنصب دا مش عايز حد مهني وطيب عايز حد يعرف يتخانق ويجيب حقوق الناس، عايز حد يعرف ألاعيب السياسة عشان يسلك معاهم. النهاردة عرفت إني كنت عبيطة!

فضلت واقفة أصور في دكتورة منى مينا ودكتور حسين خيري.. وفرحانة بالكام صورة اللي صورتهم اوي بصراحة.

شكراً د. حسين خيري.. د. منى مينا، وشكرا نقابة الاطباء
#‏ادعم_نقابة_الاطباء
aalaaattwyl
تصوير: آلاء الطويل
________

*المقصود هنا "إسراء الطويل" أختي، الطالبة المصرية التي اختفت قسريا في مصر في 1 يونيو 2016 ثم بعد اسبوعين أعلنت السلطات المصرية إلقاء القبض عليها ثم محاكمتها، وحبسها ستة أشهر، ثم الإفراج عنها لاحقًا على ذمة اتهامات بنشر أخبار كاذبة والانتماء لجماعة محظورة.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

11 فبراير بين الفكرة والواقع

$
0
0
في ساعات متأخرة من مساء ذلك اليوم، وبعد الاستماع لخطاب تخلي الرئيس المصري مبارك عن الحكم ونقله السلطات لنائبه.. كانت دقائق معدودة تفصل بيني وبين الهتاف وسط ميدان التحرير بالعاصمة اليمنية صنعاء "سلمية سلمية.. لا بندق ولا جنبية".

هكذا هتفنا في وسط الميدان الذي حوله نظام الرئيس صالح إلى مخيم لعرض الحرف اليدوية أو كما كان يدعى قبل أن يتحول لمعسكر يفترش أنصاره خيامًا يدعوها بخيام اعتصام تأييدية للشرعية الدستورية
منذ تاريخ 3 فبراير أو ما سبقها من تطلعات ونقاشات، كان الكثير من الشباب يعتقد أن ما يمكن عمله هو إعادة تقليد لسيناريوهات الثورة في كل من مصر وتونس بدون احتساب العوامل والبيئة المختلفة.

فالواقع الحالي في تونس، شكل المجتمع المدني شرارة الثورة وركيزة الحماية والبناء لما بعد الثورة،
وفي مصر اختار نظام العسكر حبس وتشريد وسحل وقتل الثوار كعقوبة لهم لمشاركتهم في الثورة
أما في اليمن معظم الشباب اليمني وقفوا مكتوفي الأيدي، فغالبيتهم كان وما زال يرسم صورة وردية للحركة السلمية برغم اختطافها من أركان منظومة حكم صالح التي أعادت تدوير نفسها عبر الالتفاف من خلال وباسم الثورة ونصرتها.

ما كنا نعتقده في 2011 أن رحيل صالح عن السلطة سيؤثر في إعادة البلاد لعجلة التنمية وإيقاف الصراع الدائر في البلاد منذ العام 2006، لكن الواقع أن نظام صالح كان أكبر مما نتخيل، فمنظومة صالح كانت تستند على 5 ركائز أساسية: الجيش - الرئاسة - أجهزة المخابرات - رجال الدين - شيوخ القبائل.

عرَّت الثورة ضعف هذه المنظومة وهامشيتها، فقد استطاع صالح أن يؤسس لنفسه جيشًا خاصًّا قسم مناطق البلاد بينه وبين الجيش القديم المتآكل، والذي سلمه لرفيق دربه والمنشق اللاحق عنه علي محسن الأحمر، والذي يرتبط بشكل مباشر بعناصر دينية وقبلية مكَّنهم من الانضمام بشكل وهمي تحت مسمى الجيش، والذي انشق عن صالح بعد أن استشعر اقتراب نهايته عبر استهلاكه وإضعاف قوته في حروب صعدة الست.

- الرئاسة في اليمن لم تكن مؤسسة كما يمكننا القول أو إطلاق التسمية عليها أسوة ببقية الدول، فقد كانت مركز حكم يسيطر عليه المقربون من صالح وإن كانوا لا يمتلكون مناصب رفيعه "بشكل رسمي" ولكن كانوا الأكثر نفوذا وتأثيراً ولم تتأثر هذه المؤسسة برحيل بعض منتسبيها وانضمامهم لساحات الاحتجاجات لمحدوديتها.

- أجهزة المخابرات ظلت وما زالت اللغز المحير في هذه المرحلة..
فجهاز الأمن السياسي وقائده غالب القمش كان وما زال محسوبًا على علي محسن الأحمر وجماعة الإخوان المسلمين، والتي كان وما زال قياداتها منطوين تحت هذا الجهاز ويحملون رتبًا فيه وهو جهاز يشوبه الفساد، وله علاقات مشبوهة بدعم وتدريب جماعات إرهابية متطرفة، خصوصاً تنظيم القاعدة.
أما الجهاز الآخر -والذي تم استحداثه لمكافحة الإرهاب وبدعم سخي من الولايات المتحدة الأميركية- كان جهاز الأمن القومي والذي استقطب قيادات شابة من خريجي الجامعات ذوي الدرجات الرفيعة، وكان يشرف عليه ابن أخي الرئيس صالح "عمار".

لكن هذه الأجهزة كانت وما زالت محل استفهام حول دورها في اعتقال وملاحقة الناشطين والصحفيين والكتاب والمنتمين للحركات المدنية وتجاهلها الجماعات المتطرفة والمسلحة وحتى فشلها في حماية الرئيس السابق في أشهر محاولة اغتيال له في مسجد "النهدين" داخل حرم القصر الرئاسي في 2011.

- رجال الدين وينقسمون تحت بند اتحاد علماء اليمن، ومن أبرزهم الشيخ الزنداني والمؤيد اللذين لعبا دورًا كبيرًا في تحشيد الشباب والقبائل في حرب 1994 عبر تكفير الحزب الاشتراكي والجنوبيين؛ ليمنحوا شرعية دينية لحرب الشمال ضد الجنوب، وما إن انطلقت التظاهرات في الشارع حتى سارع الزنداني للاستفادة من الطرفين، حيث وقف في بادئ الأمر مع الرئيس صالح وشارك في حشد علماء من مختلف المحافظات ثم انتقل لساحة الجامعة ليطلق مصطلحه الشهير "أحرجتمونا.. ويصرف للثوار براءة اختراع". ومن هنا انطلق صالح لاستقطاب رجال دين ينتمون للمذاهب "الزيدية الشيعة"؛ لكي يستخدمهم للحشد الطائفي والمناطقي وهو ما لم يكن جليًّا في 2011 مثلما هو واضح الآن.

- مشايخ القبيلة: منذ وصول صالح للسلطة سعى جاهداً لتحطيم عتبات السلم الذي ساعده للوصول لسدة الحكم، وبالأصح حاول استبدالها بإنشاء قيادات قبلية بديلة للوجهات المعروفة مثل آل الأحمر في شمال اليمن وعبر إعادة النفوذ لأبناء السلاطين ومشايخ القبائل في الجنوب، مثل أبين ولحج وشبوة.. وهو ما لم يتم في مناطق أخرى مثل حضرموت.

وحالما استشعر النظام القبلي الخطر وأحس بالضعف وجد أن انضمامه لحراك الشارع هو المخرج الوحيد الذي قد ينقذهم من ضياع السلطة والجاه وانتقالها لشخصياتٍ يعتبرونها أقل منهم منزلة اجتماعية وقبلية، ساهم صالح في إعادة رسم صورهم كقيادات قبلية ولا ننسى التسريب الشهري لموقع ويكيلكس للقيادي ورجل الأعمال القبلي "حميد الأحمر"، والذي صرح فيه بأنه سيتجه للشارع لتلبية مطالب التغيير.

تغيرات منظومة اللعبة
وقف الثوار حائرين حينما بدأت الأحذية العسكرية تتحكم في مسيرة الثورة، وكذلك الجنبية القبلية، والتي بدأت تسن فوق رؤسهم وتحولت مطالبهم إلى وعود وهمية لم يعد بالإمكان الانتباه لها.
وهنا كان الحوثي يستغل الفراغ الذي بدأ ينتج عن هذا الانقسام داخل صفوف الثورة، وخاصة بعد انتشار الاتهامات بالاندساس والعمالة لصالح وأجهزته الأمنية استغلها الحوثي لتجنيد هذه القيادات الشابة أو تقريبها له وشهدت مدينة صعدة زيارات كثيرة لناشطين وصحفيين، وقيادات في المجتمع المدني بشكل غير مسبوق ومحاولة لإظهار مظلوميته لتحسين الصورة عبر تغيير الاسم من الشباب المؤمن إلى تكتلات مثل "شباب الصمود"، "تكتل الأحرار"، وغيرها من الجماعات والخيام الوهمية التي تلبي الهدف والتي تتقاسم مساحات الصراع مع جماعة الإخوان المسلمين اللاعب الرئيسي في تسيير دفة الحراك في الشارع اليمني.

الجنوب وضبابية الرؤيا
في ذات الوقت خرجت المظاهرات والمسيرات في مدن الجنوب وتحديداً في العاصمة عدن؛ إحياءً لمسيرة الكفاح والحرية التي انطلقت منذ العام 2007 والتي كانت تواجه بالقمع والتنكيل والاعتقال،
وفي 2011 كانت تلك الحركات تامل أن يتم تحقيق الانتصار سلمياً بدون الحاجة للمطالبة بانفصال الجنوب عن الشمال، إلا أن انضمام شخصيات فاسدة ارتكبت الكثير من الانتهاكات ضد أبناء الجنوب أعادت المطالب القائمة على الاستقلال وتقرير المصير، وانقسمت الساحات في مدينة عدن وحضرموت إلى ساحات مطالبة بالانفصال والتحرير كساحة المعلا والمنصورة وساحات ما زالت متمسكة بالوحدة كساحة كريتر والمكلا.

إلا أن غياب الرؤية والتخطيط والخوف من التنكيل ما زال العامل الأبرز في انقسام هذه الساحات وعدم بروز قيادات سياسية وحقوقية في الساحة، مما أعاد قيادات جنوبية سابقة للسيطرة على الساحة السياسية والاجتماعية في الجنوب.

ما بين الفكرة والعمل
ظاعت أحلام الكثير وتسربت مع اندثار علامات الدم من الشوارع، فقد قررت الأحزاب أن تتقاسم السلطة على أن تستمر في الخيار الثوري، وهو ما نتج عنه التهام الحركة الثورية من قبل الأجهزة الأمنية ووصول الشباب لحالة من الضياع وفقدان الأمل بعد أن أصبحت نظرة الشارع لهم بأنهم هم السبب الحقيقي وراء انهيار الدولة والاتجاه للحرب، حتى أن الكثيرين اقتنعوا بأن عصر صالح المستمر منذ 33 عامًا كان مثاليًّا، وأنهم هم من دمروا الجمهورية والدولة.

للأسف لم يقم من تصدروا المشهد كقيادات ثورية بإعادة احتواء هذا الشباب وتركوهم فريسة لجراحهم التي تحولت لعاهات وإلى الحاجة والعوز المادي ليصبحوا مشردين باحثين عن العمل بعد أن كانوا أشعلوا ثورة الأمل. لا تلومونا.. فحين صرخنا بالحرية هتفتم معنا وأنتم تلبسونا قيود الخضوع.

خلاصة الكلام:
الثورة سلوك وتأثير ثقافي في وعي المجتمع.. والمجتمع الذي يسلم نفسه لجماعات وميليشيات تدعي أنها ممثلة الله في الأرض.
هو مجتمع لم يصل لمرحلة النضوج الفكري ولا لمفهوم الثورة.. وعلينا أن نعلن عن استمرارية الثورة لتكون ثورة فكر ووعي.. لا حرب وقتال.
الرحمة للشهداء...


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

المتاهة السورية بحاجة إلى تفكير اللاعبين الإقليميين استراتيجياً

$
0
0
ملخص
إن تكالب الروس على سوريا، تزامناً مع قرب انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي، إضافة إلى صعود نجم إيران بعد تطبيق الصفقة النووية مع الغرب، كلها تعني أن "التحالف الإسلامي" الذي شكلته السعودية في عجالة دون تروٍ يحتاج المزيد من التفكير المعمق، فالضرورات الجيوسياسية المتزايدة قد تجبر السعودية والأردن وتركيا وقطر ومصر وإسرائيل على تجاوز خلافات آرائها في مسائل محددة والعمل على إيجاد نظام شامل ووضع خطة استقرار للمنطقة.

أما بخصوص طريق الحرب السورية المسدود، فتلوح في الأفق ثلاث سيناريوهات لنهاية هذه الحرب.

السيناريو الأول: يرى بعض المراقبين تقسيم سوريا (أو حتى العراق أيضاً) نموذجاً لإنهاء الحرب، وبمقتضى هذه الخطة يُترك النطاق الجنوبي والجنوب غربي في سوريا بغالبيته العلوية في يد النظام.أما الجزء الشمالي فيكون من نصيب أكراد سوريا، في حين يبقى المسلمون السنة واقعين في مكان ما في الوسط.

وطبعاً لكي ينجح ويثمر هذا السيناريو فعلى جميع الأطراف عقد اتفاق رئيسي حول تشارك الموارد، كما سيكون من الضروري التفاهم حول تبادل مواقع السكان. لكن "النموذج" الذي يحمله هذا السيناريو في طياته لمستقبل سوريا لا يبشر المنطقة بالخير، فالشكوك كثيرة بالقدرة على تطبيق واستدامة هذه الخطة، وبالتالي تكتنفها شكوك أكبر، خاصةً إزاء قدرتها على تهدئة واستقرار المنطقة المشتعلة بالصراع.

والأمر لا ينطبق على سوريا والعراق فحسب، بل على اليمن وليبيا أيضاً. فلو أعطي لأكراد سوريا أي صفة وجود سياسي على شاكلة "حكم ذاتي أو ما شابه"، فبالتأكيد سيلقى ذلك مقاومة شرسة من إيران وتركيا بشكل رئيسي، لأنه قد يصبح نموذجاً "خاطئاً" يُحتذى به مستقبلاً.

السيناريو الثاني: الذي طُرح أكثر من غيره، هو المفاوضات على إنهاء الحرب، وفي هذا الإطار تستمر الحكومة الوطنية المركزية في دمشق بحكم البلاد، لكن بالتأكيد لن يكون لها نفس درجة التحكم والسيطرة السابقة على كافة المناطق؛ هذه هي الفكرة التي لطالما طرِحت في كل مؤتمرات جنيف واللقاءات الدولية حتى الآن وحتى في قرار مجلس الأمن الأخير 2254 أيضاً.

لكن القرار نفسه يبرز جميع المثالب والعيوب الكامنة في الفكرة، ففي ظل ظروف الحرب الدائرة في سوريا تبقى المفاوضات على الحل بعيدة المنال؛ حتى أن قرار مجلس الأمن نفسه لا يمس أياً من قضاياها الحقيقية؛ فالملاحظ أنه لا يعين ولا يحدد أي المجموعات ستدخل في جملة المعارضة السورية في المفاوضات، كما يُغفل القرارُ مصيرَ الرئيس الأسد.

والأسوأ أن محور روسيا-سوريا-إيران بدأ تواً بالسيطرة على الاتفاق بدليل اغتيالهم لزهران علوش قائد "جيش الإسلام"، أحد أكبر وأقوى المجموعات المعارضة لنظام الأسد. السباق على تكوين بنية المعارضة السورية التي ستجلس على طاولة المفاوضات ما زال أمراً شائكاً يُقوّض مصداقية خارطة الطريق، حيث كان مزمعاً أن تبدأ المفاوضات في 25 يناير/كانون الثاني.

لكنها أرجئت بسبب التخبط والخلافات بين مؤيدي النظام ومعارضيه حول تكوين الأخير وقوامه وممثلي طرفه. ولحفظ ماء الوجه في حال عدم عقد الاجتماع، فإن التوقعات الأمريكية لمؤتمر جنيف 3 هبطت لدرجة باتوا فيها لا ينظرون إليه على أنه "مفاوضات" بل مجرد محادثات تقاربية دون أي شروط مسبقة كهدنة أو تسهيل عبور مساعدات إنسانية للمدن والقرى المحاصرة.

السيناريو الثالث: فهو النصر العسكري لأحد الأطراف المتحاربة، وهو الحل الأفضل لتحقيق استقرار على المدى الطويل حسبما تفيدنا به نظرة على كل تاريخ الحروب الأهلية في العالم. لكن إذا كان النصر من نصيب نظام الأسد، فليس لدى أحد تصورٌ حول كيفية محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من دون دفع سنة العراق وسوريا إلى منزلق التطرف؛ وكما أشار مؤخراً الجنرال المتقاعد جون آلان نائب القائد السابق في القيادة المركزية الأمريكية، فإنه ليس من السهل أن تطلب من القبائل السنية في العراق أن تثق بالحكومة العراقية وجيشها لمحاربة داعش، كما أنه ليس مرجحاً أن تختلف عنها في هذا الأمر القوات الديموقراطية السورية المكونة إلى حد كبير من القوات الكردية (وحدات حماية الشعب و حزب الاتحاد الديموقراطي YPG/PYD).وفي الوقت ذاته فإن هذه المهمة لو نجحت فرضاً في العراق، فإن الأمر ذاته لن يسهم في سوريا سوى بتعميق الشكوك وضعضعة الثقة بالقوى الأخرى في المنطقة، بدءاً من تركيا والسعودية ومروراً بالأردن وباقي دول مجلس التعاون الخليجي.

ولذلك فإن انتصاراً عسكرياً على الأسد وداعش هو المطلوب. لكن بدلاً من محاولة هزم داعش أولاً ثم الشروع في عملية سياسية لمناقشة مصير الأسد (كما اقترح كل من أوباما وروسيا وإيران مع دعم صامت من الصين والاتحاد الأوروبي) فالمطلوب هزم الأسد أولاً، ومن بعدها يتم التفرغ لاستهداف داعش، وما من سبيل ليتسنى ذلك لأي لاعب في المنطقة بغطاء شرعي ودقة وحنكة أكثر من دول المنطقة ككل ذات الغالبية السنية.

الولايات المتحدة تعي أن داعش لا يمكن مقاتلتها على الأرض من دون تدخل من الدول ذات الغالبية السنية في المنطقة. ولهذا قال رئيس الأركان المشتركة الأمريكية الحالي الجنرال جو دنفورد أنه "يريد أن يرى الدول السنية بالذات في المنطقة -دول مجلس التعاون الخليجي- تسهم بشكل أكبر على الأرض" لأن قواتها لن يكون عليها "بعض أعباء القوى الغربية"، كما صرح وزير الدفاع آشتون كارتر في تصريحات مماثلة.

فكرة أعلنت على عجل، ثم صرف النظر عنها دون تمهل في ظل الأوضاع الحالية فإن اقتراح "التحالف الإسلامي" الذي قدمته السعودية ينبغي تمحيصه وإعطاؤه القسط الذي لم ينله من التدبر والتفكر، فقد نُحيَ هذا المقترح جانباً بسرعة من قِبل القوى الإقليمية المدرجة أسماؤها، لكن بتغيير بسيط في اسمه وتكوينه فمن الممكن جداً استعماله ليحمل دولاً أخرى في المنطقة على الدخول فيه، مثل تركيا والسعودية والأردن وقطر ومصر.

لكن لكي يتم ذلك فعلى كل الأطراف المهتمة به أن تكون مستعدة لمساومات كبيرة تتخلى فيها عن بعض التزاماتها وشروطها السابقة وتكون لديها الرغبة في حل خلافاتها لتحقيق الهدف المشترك. ينبغي أن تكون مصر أولى مواضيع النقاش، أما السعودية التي هي أكثر المتضررين من طموحات إيران التوسعية في المنطقة، لأن نظامها السياسي لا يساعد على "الانفتاح الديموقراطي"، فعليها الكف عن رؤية ارتباط الإسلام السياسي بالديموقراطية- كما في حال حزب العدالة والتنمية وحزب الإخوان المسلمين -على أنه تهديد.

عليها أيضاً أن تفهم أن مصر أصبحت عبئاً ومسؤولية عليها (السعودية) اقتصادياً وسياسياً وأخلاقياً وأن ذلك لا يمكن أن يدوم. إن الكف عن تجريم الإخوان المسلمين سيسهم كثيراً في هذا الصدد، كما أن إعادة توطيد العلاقات التركية-المصرية سيكون خطوة على طريق بناء الثقة التركية التي هي بحاجة لها في المنطقة. وفي المقابل، على كل من تركيا والإخوان المسلمين إعادة التفكير بنظرتهما تجاه المملكة العربية السعودية، ومن بعدها فليحفظ كل منهما هذه العلاقات كما يحافظ على بؤبؤ عينيه.


ليس غريباً أن يكون لدى باكستان تحفظات على الدخول في مجموعة كهذه نظراً لتصاعد ونمو علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الصين، كما أن لديها أقلية شيعية، بالإضافة إلى أن إيران هي جارتها اللصيقة. وعلى الرغم من أن النخبة الباكستانية المدنية والسياسية أنذرت "بردٍّ قوي" في حال المساس بسيادة الأراضي السعودية، إلا أن باكستان لن تتمكن من تقديم جنود مشاة للتحالف، اللهم إلا لحماية المملكة العربية السعودية، كما فعلت في حرب الخليج الأولى. لكن ينبغي تذكير باكستان أن اشتداد عود إيران في المنطقة سيؤدي إلى تقوية شوكتها في الداخل الباكستاني، وهو ما قد ينذر بزعزعة استقرارها الداخلي.

لكن ذلك لن يكفي لأن روسيا التي ظهرت قواتها على الأرض السورية لن يكون هناك غنى عنها لجرِّ اسرائيل كي تضغط على أوروبا -بريطانيا بالأخص- وعلى إدارة ما بعد أوباما في ذلك الاتجاه. ورغم أن اسرائيل ليست متضررة كثيراً من حروب العراق وسوريا، إلا أنها لطالما كانت تخشى من مد القوة الإيرانية ودعم أمريكا للهيمنة الإيرانية في المنطقة. النقاد والمحافظون الجدد الأمريكيون الموالون لاسرائيل حانقون أساساً على الصفقة الإيرانية النووية. واسرائيل تعرف جيداً أن إيران تتأهب كي تصل بنفوذها إلى العراق وسوريا ولبنان في المستقبل القريب، وأن تبادل الأسلحة ونقلها بين إيران وسوريا وحزب الله ستشتد وتيرته لا ريب- هذا إن لم يكن قد بدأ أصلاً.

والبعض يذهب إلى أن روسيا ستنقل خبرتها العسكرية إلى حزب الله. وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون قال مؤخراً أن "إيران تحدد مستقبل سوريا، فإن دامت السيطرة الإيرانية في سوريا فسيشكل ذلك تحدياً كبيراً لاسرائيل" وأضاف أن "اللاعب الإيراني الأساسي ضدنا هو حزب الله" فإسرائيل متأكدة من أن استهدافها شفهياً أولاً ومن ثم عسكرياً عبر حزب الله بعد ذلك هو أسهل شيء على إيران وأول ما ستقوم به كي تستولي على ما يتبقى لها حينئذ من شرعيتها في العالم الإسلامي ككل.

إن هذا أيضاً يعني أن على تركيا واسرائيل حل مشاكلهما العالقة التي منها رفع الحصار عن غزة؛ وفي الوقت الذي تعيد فيه تركيا ومصر تصحيح مسار علاقاتهما، ينبغي إرسال رسالة خاصة وواضحة لإسرائيل تطمئنها أن مصر ماضية في التزامها باتفاقية كامب ديفيد - والتي لم تتأثر أو تتوقف ولا حتى أثناء حكم مرسي. يبدو أن كلاً من تركيا واسرائيل فهمتا لتوِّهما أهمية تجديد علاقاتهما بأسرع ما يمكن في ظل الظروف الجيوسياسية الراهنة.

آمال معلقة على ما بعد أوباما عندما تتفهم الولايات المتحدة أن علينا ضرب الأسد أو إجباره على الرحيل أولاً ومن ثم التفرغ لضرب داعش، فعندها ستضطر بطريقة أو بأخرى لمواجهة روسيا؛ وبالرغم من أن لا أحد يتوقع خوض أمريكا حرباً ضد روسيا في سبيل استقرار وأمن الشرق الأوسط، إلا أنها تملك وسائل لتجرح روسيا وتدميها حتى الموت، فروسيا دولة ترامت أطرافها إلى البعيد مع حروبها في أوكرانيا والقرم وسوريا.

لكن للأسف لن يكون أوباما صانع الحدث، فهو الذي غدا خاملاً لا يحرك أنملة ليس بسبب تحكم الجمهوريين بمجلس الشيوخ، بل كما يبدو بسبب المؤسسة العسكرية والاستخباراتية التي ثنته وأقعدته وقيدت جناحيه منذ اشتعال الثورة ضد الأسد، إضافة إلى أن إدارته أنهكتها انقساماتها الداخلية كذلك. ففي حال لم تطبق الخطة البديلة المفصلة هنا للفوز ضد كل من الأسد وداعش، فإن الخطة الحالية التي تعوزها الحكمة -والقائمة على محاربة داعش فقط مع الاستمرار بمحادثات جنيف العقيمة والمحكومة بالفشل- سوف تخلق متاعب حقيقية لأوروبا أيضاً.

إن وهنت قوات حفظ ومراقبة الحدود التركية (أمرٌ مؤكد إن استمرت الهجمة الروسية الإيرانية السورية على حلب وصاعدت من موجة اللاجئين) بينما تحارب الإرهاب في عقر دارها جرّاء المتاهة السورية، فلا مفر حينئذ من تسرب المزيد من اللاجئين وعودة المقاتلين المتطرفين الذين أفرزتهم الحرب التي طال أمدها أو أنتجتهم ثارات السنة في العراق وسوريا، ومحققٌ أن هذا سيضرب أوروبا في مقتل. على الاتحاد الأوروبي أن يدرك أنه "نظراً لقرب الشرق الأوسط (خاصة الشام وليبيا) من أوروبا ونظراً لكارثة اللاجئين وغيرهم من المهاجرين التي حلت بأوروبا والمنطقة، فإن هذه مشكلة أوروبية بقدر ما هي مشكلة أمريكية أو روسية."

لعل تعمق وتوسع المسارات الروسية والصينية داخل الشرق الأوسط ستحفز الرئيس الأمريكي المقبل على إيجاد بدائل عن الاكتفاء بالدبلوماسية والتقارب والحوار مع روسيا والصين وإيران. فأعضاء التحالف آنف الذكر عليهم حل خلافاتهم في أوسع طيف من القضايا قدر الإمكان (بما فيها النظام السياسي المستقبلي السوري وحقوق الأكراد هناك) كما عليهم عقد صفقة كبرى طويلة الأمد فيما بينهم قبل يناير| كانون الثاني 2017 كي يتسنى لهم طرق باب البيت الأبيض وفي جعبتهم هذا المقترح المحكم الجديد. وبهذه الطريقة يكون هناك على الأقل خطة عمل واحدة محكمة ومعقولة ليتبناها الرئيس الأمريكي المقبل عندما تفشل الخطة الحالية المتمحورة حول إيران وتعلن إفلاسها عاجلاً غير آجل.



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رهان مع رئيس الوزراء الإيطالي

$
0
0
سيادة رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ...

بعد التحية ...
في البداية لا بد أن أعزيك في الشاب الإيطالي النابه "جوليو ريجيني"، الذي توفي في حادث سيارة في القاهرة.
سيادة رئيس الوزراء ...
هل تصدق أن ذلك الشاب الإيطالي الوسيم قد توفي في حادث سيارة؟
أعتقد أنك تصدق!

لقد أخبرك بذلك صديقك رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبدالفتاح "سيسي"!

هل تذكر مؤتمرك الصحفي معه في روما يوم الرابع والعشرين من نوفمبر عام 2014؟

وقوفه في روما، بجوار رئيس وزراء منتخب، في عاصمة من أهم عواصم الاتحاد الأوروبي، كان انتصارا دبلوماسيا للديكتاتور ... وهو ما سهل عليه بعد ذلك أن يسير على البساط الأحمر في باريس ثم في برلين.

سيادة رئيس الوزراء ...

لماذا ترسل محققين للتحقيق في مقتل المواطن الإيطالي النبيل "جوليو ريجيني"؟

لقد أقامت إيطاليا علاقات دبلوماسية كاملة مع دولة تحت حكم انقلاب عسكري فاشي يذكرنا بانتهاكات موسوليني في أوائل القرن الماضي، وإيطاليا تحت قيادتكم تعلم أن هناك ثمنا لإقامة مثل هذه العلاقات مع أنظمة كتلك، وبالتالي ... (اعذرني سيادة رئيس الوزراء)، لقد قبضت إيطاليا (أعني الدولة) ثمن السكوت على مقتل بعض مواطنيها مقدما!

إن مقتل بعض مواطنيكم في (حوادث سير) مثل هذه، ليست أكثر من أعراض جانبية لتناول إكسير العلاقات الاقتصادية مع مصر، وبالتالي لا داعي لكل هذه الجلبة.

لا تغضب مني يا عزيزي ... هذا ما حدث ... اقرأ هذا الخبر:

"ألغت السيدة فيدريكا جويدي، وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية، التي وصلت إلى القاهرة، الأربعاء، على رأس وفد اقتصادي كبير، زيارتها للقاهرة، وعادت لبلادها بالتزامن مع إعلان وزارة الخارجية الإيطالية عن وفاة الشاب الإيطالي "جوليو ريجيني"، المفقود في مصر منذ 25 يناير الماضي".

ماذا كانت تفعل الوزيرة الإيطالية في بلدنا؟

لقد جاءت لتقبض ثمن اعترافها بالنظام المصري السفاح ... لا أكثر!

وإلغاء الزيارة مجرد تجميل للصورة، وسوف تعود الوزيرة أو من يمثل حكومتكم بعد عدة أسابيع أو عدة شهور لكي ينتفعوا من وجود هذا النظام، ولن يبالوا بأنه يقتل المصريين يوميا، إن الإحراج الوحيد في الموضوع أن القتيل هذه المرة كان شابا إيطاليا ندعو له ونعزي أهله من كل قلوبنا!

سأحكي لك قصة لطيفة سيادة رئيس الوزراء، إنها قصة صَدَّقَتْهَا حكومات أوروبا كلها، ولم يعترض عليها أحد في حينها برغم أنها كذب فج لا يصدقه عقل، هذه القصة كتبها السيدان "نيكولا بو"، و"جان بيير توكوا"، وهما صحفيان فرنسيان، ألفا كتابا عنوانه (صديقنا الجنرال زين العابدين بن علي)، الذي صدر بالفرنسية وترجم إلى العربية منذ حوالي عشر سنوات:

"وهكذا مات فيصل بركات في مقر دائرة شرطة تونسية في تشرين الأول 1991، في بداية قمع "الملتحين"، وهو طالبٌ في قسم الرياضيات في جامعة تونس العاصمة.

وكان هذا الطالب الناشط في (النهضة) قد طالب خـلال مناظرة متلفزة بالحرية النقابية، قبل أن يلجأ إلى العمل في السر.

كان يعرف ثمن جرأته!

وقتها، أوقِف شقيقه للضغط عليه، ثم اعتقل هو بعد ذلك بقليل.

بعد أسبوع، أُعلِمت عائلته بأنه توفي في حادث سيارة.

إنه قَدَر الناشطين السياسـيين في تونس ... ولسوء طالع النظام، تقول الشهادة الطبية لمشفى نابل إن الوفاة (ناجمةٌ عن إدخال جسم في الشرج)، وهي ظاهرةٌ نادرة للغاية في حـوادث السير".
سيادة رئيس الوزراء ...

لقد تحدث الصحفيان عن الجنرال زين العابدين بن علي ... صديق فرنسا في ذلك الوقت، وأنا أتحدث معك اليوم عن صديقك ... الجنرال عبدالفتاح السيسي!

هناك ظواهر لا تحدث إلا في بلادنا، لا تحدث إلا تحت حكم الجنرالات أصدقاء أوروبا وأمريكا، مثل حادث سيارة يؤدي إلى تهتك في فتحة الشرج (كما في تونس ما قبل الثورة)، أو حادث سيارة يؤدي إلى كدمات تنتج عن التعذيب، وتؤدي إلى تجريد الضحية من البنطلون والملابس الداخلية، وتترك آثار إطفاء سجائر في جسد الفقيد، كما في حالة الضحية الإيطالية، الشاب المسكين "جوليو ريجيني".

هذا الشاب الإيطالي، الذي يشهد له كل من عرفه في مصر بطيبة القلب، وبحسن الخلق، (وبحكم عمله كباحث في الحركات العمالية)، تعاطف مع ثورة الشباب المصريين التي تقاوم انقلابا عسكريا فاشيا ... (انقلابا عسكريا فاشيا تدعمه أنت يا سيادة رئيس الوزراء)!

أنتم أيها السياسيون تصدقون هذه الحوادث لأن الديكتاتوريات الفاشية تدفع من أموالنا ثمن تصديق هذه الخزعبلات، ولأن انتصاراتكم السياسية وصفقاتكم الاقتصادية أغلى بكثير من دم الإنسان.
لست شامتا ... بل إنني حزين جدا على هذه المأساة الإنسانية المؤلمة.

إن عزائي الحقيقي لكل أصدقائي الإيطاليين، لكل شباب إيطاليا، للشعب الإيطالي الذي قاوم الفاشية، وقاوم الانقلابات العسكرية، وأظنه لا يقبل موقفكم بتأييد ما يحدث في مصر، ومحاولة الاستفادة الاقتصادية من وجود سفاح على رأس السلطة في بلد مهم.

هل تعلم سيادة رئيس الوزراء كم أحب بلدكم وشعبكم؟

لي ذكريات جميلة في إيطاليا، ذلك البلد المتحف، المرسم، المسرح، السينما، الجامعة، المعبد ... تلك الأرض الملهمة التي خلقت لتنثر الجمال على رؤوس البشرية، وكأنه أرز في عرس في الريف.

لماذا يصبح السياسيون بهذه القسوة؟ لماذا تضع في سجلك أنت أيها السياسي الشاب عار التعامل مع نظام لا يتورع عن أن يقدم لك جثة مواطن إيطالي، مجردة من الملابس وعليها آثار التعذيب ثم يقول لك (توفي في حادث سير) !؟ لماذا لا تنحاز إلى ثقافة وقيم الشعب الإيطالي؟
سيادة رئيس الوزراء ...

أعرف أن رسالتي لن تجد طريقها إليك، فأنا ممنوع من الكتابة في صحف بلدي، وممنوع من الإقامة فيها، ومهدد من النظام الذي يدعمه أمثالك من السياسيين الشبان، الذين كنا نظن أنهم سيتحيزون لجيلنا الذي بذل دما كثيرا لكي يتحرر!

كنت أتمنى أن أذهب إلى سفارة إيطاليا في القاهرة كي أوقد شمعة من أجل نفس أزهقت بلا ذنب ... ولكن الديكتاتور الذي تدعمه يمنعني من أن أدخل بلدي أصلا!

سيادة رئيس الوزراء ...

أنا أرسل لك هذه الرسالة لكي أراهنك ... هل تراهن؟

أنا على استعداد أن أراهنك على مبلغ كبير من المال، هل تراهن على أن علاقاتكم الاقتصادية مع من قتل ذلك الشاب الإيطالي المسكين لن تتأثر؟

على كم تراهن؟ أنا على استعداد للرهان بملايين اليوروهات (التي لا أملكها)، من شدة ثقتي ويقيني في أن مقتل مواطن إيطالي لن يؤثر في قراراتكم!

ستستمر حكومات أوروبا في دعم الديكتاتوريات الفاشية من أجل مصالحها الاقتصادية، وسنستمر في مقاومة الاستبداد، وسنقتدي بالشعب الإيطالي العظيم الذي لم يقبل أن يحكمه "موسوليني"، وجازاه في النهاية بما يستحق.

لو عادت الأيام بك ... هل ستقف في صف "موسوليني"؟ أم في صف الشعب؟
سيادة رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي ...

كلمتي الأخيرة ... سينتصر شعبنا على الديكتاتور، وحينها سنواصل احترامنا للشعب الإيطالي ولكل شعوب الدنيا، وسنرحب بكم في مصر، ولن نسمح بقتل الأبرياء، ولكن تأكد أن جميع الحكومات التي استفادت من الديكتاتور سوف تدفع ثمنا باهظا بما قدمت يداها.

سيادة رئيس الوزراء ...

هل تراهن؟

هذا المقال نشر في عربي 21 يمكن الإطلاع على أصل المقال الأصلي هنا



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

حكاية "توبسي"!

$
0
0
كان توماس إديسون مخترعا ورجل أعمال أمريكي، لديه ما لا يقل عن ألف براءة اختراع باسمه ما جعله واحدًا من أغزر البشر إنتاجا. عمل أديسون من بين ما عمل على تطوير نظام توليد وتوزيع للطاقة الكهربائية على نطاق واسع فقد كان يحلم بإنشاء محطّات توليد عملاقة تمدّ المصانع والهيئات الحكومية والبيوت وخلافه بالكهرباء.


من أجل ذلك بالذات، افتتح شركة باسمه وأنشأ محطّة بشارع اللؤلؤة بنيويورك سيتي وأسماها "محطة شارع اللؤلؤة" كما يتفق لي ترجمة الاسم عن الإنجليزية "Pearl Street Station". كانت المحطة توفر نوعا من التيّار الكهربائي اسمه التيار المباشر وكان مشروع أديسون يتطور بخطى مسرعة بفضل جهود مهندس كهرباء ومخترع ومهندس ميكانيكا وفيزيائي عبقري اسمه "نيقولا تسلا" الذي سيلقّب بعد ذلك بقديس الكهرباء الحديثة عن جدارة واستحقاق.

وكعادة رجال الأعمال، سيقوم أديسون لاحقا بالامتناع عن أداء بعض مستحقات تسلا المالية وسيقوم تسلا بناءً على ذلك بترك العمل بشركة أديسون ليطوّر هو نفسه، لصالحه هذه المرة، نظاما بديلا للطاقة الكهربائية يستخدم فيه التيار المتناوب عوضا عن تيار أديسون المباشر وبمساعدة محرّك أخترعه تسلا بيديه.

حصل "تسلا" على براءة اختراع على المحرّك وتم ترخيصه لصالح "جورج وستينجهاوس" الذي عيّن تسلا كاستشاري في شركته الخاصة ومن هنا بدأت حرب شعواء بين فريق التيار المتناوب (تسلا-وستينجهاوس) وفريق التيار المستمر (أديسون) واستمرت لسنوات.

توفيرا للوقت الذي يمكن أن أبذله في شرح الفرق بين التيارين من حيث شدّة التيار وفرق الجهد، من ممكن أن أختزل مشكلة التيار المباشر في أنه يمكن توزيعه/توصيله بشكل فعّال وتكلفة واقعية لمسافة قصيرة على عكس التيار المتناوب الذي يمكن أن يصل إلى مسافات أبعد بشكل أكثر كفاءة.
مرة أخرى، كرجل أعمال أصيل، عندما سيشعر أديسون بتهديد مصالحه المالية، سيخوض حملة إعلامية واسعة هدفها إقناع العامة أن تيار تسلا المتناوب سيأتي على أخضرهم ويابسهم وأن مخاطره أكبر بكثير من التيار المباشر المسالم الحنون الذي توفره شركته. وكجزء من الحملة الإعلامية، سيشترك أديسون في تطوير "كرسي الإعدام الكهربائي" باستخدام التيار المتناوب لإثبات وجهة نظره، هذا إلى جانب بعض العروض الترويجية المسلية التي كان يقوم فيها موظّفي أديسون بقتل بعض الحيوانات الضالة باستخدام التيار المتناوب في الشوارع لتعزيز موقفه بالتجربة العملية.

كل هذا هو بمثابة مقدمة للموضوع الحقيقي والحكاية الجديرة بأن تكتب وتُذّكَر.

وجدت في زمن الحكاية الأولى، أنثى فيل تدعى "توبسي". كانت توبسي تعمل بالسيرك وكان لها مدرب مصاب بشتى أنواع الخلل النفسي ما جعله يقدم على تعذيب المسكينة مرارا حتى حاول إجبارها يوما على ابتلاع سيجارة مشتعلة، فما كان من "توبسي" إلا أن ركلته كما اتفق لها أن تركله ولم تتوقف إلا والرجل جسد بلا روح. أرسلت "توبسي" إلى "لونا بارك" بعد أن خلّف التعذيب في نفسها عداوة للبشر بشكل عام فقتلت اثنين آخرين من العاملين بالحديقة حتى تقرر إعدامها.


جعل القائمون على أمرها يفكرون في الطريقة المثلى للإعدام فاقترحوا الشنق ثم تراجعوا بدعوى عدم آدميته كعقوبة هجرتها الدولة نفسها. ماذا تفعل الدولة بمذنبيها على أيه حال؟ تُميتُهم صعقا بالكهرباء! إذن، قضي الأمر، ستصعق توبسي حتى الموت.

هنا تتقاطع الحكاية الأولى مع الثانية، فمن أجدر بتلك المهمة من المجنون الذي كان يجوب موظفيه الشوارع يصعقون الحيوانات كجزء من عروض ترفيهية دورية للنيل من منافسيه؟ أبلغ القائمون على "لونا بارك" أديسون برغبتهم ولم يتردد الرجل في قبول العرض كما هو متوقع.

استأجر أديسون للحدث طاقما للتصوير وكأنه مقدم على إخراج فيلم سينمائي، وأعلن أن "توبسي" ستعدم باستخدام التيار المتناوب الذي توفره شركة وستينجهاوس والذي طوّره تسلا. وزيادة في التأكيد على إخراج المشهد النهائي كما سيخرج، تم إطعام "توبسى" حوالي نصف كيلو "سيانيد" تم دهانه على الجَزَرات القليلة التي التهتمها المسكينة قبل أن تلقى حتفها.

وعند اللحظة المحددة، وقف ألف وخمسمائة متفرّج من البلهاء الساديين ليروا "توبسى" للمرة الأخيرة بينما يمرّ حوالي 6600 فولت خلال جسدها لتسقط قتيلة في ثلاث ثوان لا غير.

انتهت قصة "توبسي" هنا ولم يأت على ذكرها أحد كما لم يأت أحد على ذكر أديسون كرجل أعمال محتال أو كإنسان مقيت ومجرّد من الحسّ الإنساني. العزاء الوحيد هنا هو أن التيار المتناوب، في نهاية المطاف، حلّ محل التيار الثابت، وأن "لونا بارك" التي شهدت إعدام "توبسي" اشتعلت بها النيران ثلاث مرات بعد الواقعة دون أن يتم فتحها مرة أخرى بعد الحريق الأخير.

في الفيديو: آخر ثلاث ثوانى فى حياة "توبسى".



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

إنك امرؤ فيك داعشية "7"

$
0
0
نتابع اليوم ما بدأناه في المقالات السابقة..
أما قصة ابن تيمية مع أشاعرة عصره فشهيرة معروفة، كتبت فيها مؤلفات، وذاعت فيها مصنفات، ولا تزال آثارها بادية بين أتباع ابن تيمية وخصومه حتى هذه اللحظة، وما بي في هذه المقالة الخوض في التفاصيل، ولا السرد التاريخي، وإن كان هذا الموضوع - رغم ما كتب فيه - قابلاً لتأليف جديد، ودراسة حديثة.

نعم لقد أظهر ابن تيمية آراء كانت مخالفة للسائد في زمانه، ورد على أناس "كبار" من السادة الأشاعرة، ومن الصوفية، وكانت ردوده مستفيضة لاذعة، فكتب في الرد على فخر الدين الرازي (الأشعري) في مجلدات كبيرة، منها بيان تلبيس الجهمية وقد بلغ ثمانية مجلدات محققة مخدومة مطبوعة، ومنها في الرد على الأشاعرة (وغيرهم) كتابه الشهير درء تعارض العقل والنقل، أضف إلى هذا الرد على المنطقيين، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان في الرد على الصوفية، وغيرها كثير.

لكن أبلغ ما أهاج الناس على ابن تيمية رسالته في العقيدة التي سميت: الواسطية، ثم آراؤه في الطلاق، وشد الرحل لزيارة قبر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، والتوسل والاستغاثة، فعانى من هذه الآراء معاناة شديدة، وسُجِن بسببها مرّات.

وبسبب ردوده على الكبار نقل ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة - حين ترجم لتلميذه سليمان بن يوسف بن مفلح - نقل ابن حجر عن رجل يقال له الشهاب بن حجي قوله في ابن مفلح:" كَانَ جيد الْفَهم مَشْهُورا بالذكاء، قَالَ وَكَانَ فِي أَوَاخِر أمره قد أحب مَذْهَب الظَّاهِر وسلك طَرِيق الِاجْتِهَاد وَصَارَ يُصَرح بتخطئة جمَاعَة من أكَابِر الْفُقَهَاء على طَريقَة ابْن تَيْمِية".

فابن تيمية إذن عُرِف بالتصريح بتخطئة جماعة من أكابر الفقهاء حتى أصبحت هذه "طريقة" ينسب له من يحاكيه فيها. ولعل هذا من أسباب اكتساب العداوات، إذ كيف يردّ على الأكابر؟ هذا ديدن خصوم كل من ينتقد "الأكابر"، فكيف لو كان النقد ممزوجًا بحدة الطبع وشظف المحاورة؟

هذا الذهبي نفسه وهو معجب أشد الإعجاب بابن تيمية رغم مخالفته إياه في مسائل أصلية وفرعية يقول فيه:" فَإِنَّهُ مَعَ سَعَة عمله وفرط شجاعته وسيلان ذهنه وتعظيمه لحرمات الدّين بشر من الْبشر تعتريه حِدة فِي الْبَحْث وَغَضب وشظف للخصم يزرع لَهُ عَدَاوَة فِي النُّفُوس ونفورا عَنهُ وَإِلَّا وَالله فَلَو لاطف الْخُصُوم ورفق بهم وَلزِمَ المجاملة وَحسن المكالمة لَكَانَ كلمة إِجْمَاع فَإِن كبارهم وأئمتهم خاضعون لعلومه وفقهه معترفون بشفوفه وذكائه مقرون بندور خطئه لست أَعنِي بعض الْعلمَاء الَّذين شعارهم وهجيراهم الاستخفاف بِهِ والازدراء بفضله والمقت لَهُ حَتَّى استجهلوه وكفروه ونالوا مِنْهُ من غير أَن ينْظرُوا فِي تصانيفه وَلَا فَهموا كَلَامه وَلَا لَهُم حَظّ تَامّ من التَّوَسُّع فِي المعارف والعالم مِنْهُم قد ينصفه وَيرد عَلَيْهِ بِعلم".

قلت: صدق الذهبي، إذ يكفي بعضَ الناس أن ترد على من يراه كبيرًا لتسقط إلى الأرض السابعة دون حتى أن يقرأ ما تقول، ولا أن يتأمل في الاستدلالات، فيناقشك بعلم، فإما أن تكون مصيبًا لك أجران، أو مخطئًا لك أجر.

أوذي ابن تيمية كثيرًا وتعرض للضرب، والنفي، والحبس، والإهانة، والامتحان، والتكفير، فمن الأشاعرة من أمر بقتله، ومنهم من أمر بنفيه، ومنهم من كفّره كما قال الذهبي، ومنهم من استعدى عليه السلطان، ومنهم من سلّط عليه العوام، وتعدى هذا الإيذاء إلى محبيه وأتباعه، بل الحنابلة عمومًا.
فهاهوذا ابن مخلوف المالكي يبلغه أن الناس يترددون على ابن تيمية - وهو محبوس - فيكتب - كما نقل ابن حجر في الدرر الكامنة - إلى السلطان:" يجب التَّضْيِيق عَلَيْهِ إن لم يقتل وَإِلَّا فقد ثَبت كفره".

ولمّا أن كفّر الشيخ نور الدين علي بن يعقوب بن جبريل البكري الشافعي ابن تيمية بسبب موقف ابن تيمية من الاستغاثة، قال ابن تيمية في ردّه عليه:"لم نقابل جهله وافتراءه بالتكفير بمثله".

وقد ذكر المترجمون - كالصفدي في أعيان العصر، وكالذهبي في السير، وكابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة، وابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية - أن البكري هذا وثب على ابن تيمية في مصر واعتدى عليه بالضرب وآذاه.

وكذا الشيخ علي بن أسمح النحوي الشافعي ذكر الصفدي في أعيان العصر أنه كان:"ممن يعبث بالشيخ تقي الدين بن تيمية ويؤذيه بلسانه، ويستعمل في الحط ما علمه من معانيه وبيانه".

وكذا نصر المنبجي الصوفي كتب له ابن تيمية كتابًا يعظه فيه لمبالغته في حب ابن عربي، فأصبح نصر من أعداء ابن تيمية، حتى قال ابن حجر العسقلاني في الدرر:"وَكَانَ من أعظم القائمين عَلَيْهِ الشَّيْخ نصر المنبجي لِأَنَّهُ كَانَ بلغ ابْن تَيْمِية أَنه يتعصب لِابْنِ الْعَرَبِيّ فَكتب إِلَيْهِ كتابا يعاتبه على ذَلِك فَمَا أعجبه لكَونه بَالغ فِي الْحَط على ابْن الْعَرَبِيّ وتكفيره فَصَارَ هُوَ يحط على ابْن تَيْمِية ويغري بِهِ بيبرس الجاشنكير".

وكذا ابن عطاء الله السكندري الصوفي صاحب الحكم العطائية، وشى به إلى السلطان فسيّره إلى الشام بسبب ردوده على كبار المتصوفة ولقوله إنه لا يستغاث إلا بالله.

وكذا كان الشأن في أولئك وغيرهم، حتى قال أحد تلاميذ ابن تيمية (وهو ابن عبد الهادي) في العقود الدرية:" قَامَ عَلَيْهِ خلق من عُلَمَاء مصر والشأم قيَاما لَا مزِيد عَلَيْهِ وبدعوه وناظروه وكابروه".
ولمّا أن أفرج عنه مرة بعد حبسه، أتى له السلطان بفتاوى مكتوبة تأمر بقتله من شيوخ بأعيانهم ليأمر فيهم ابن تيمية بما يريد إذا به يقول له:" هَؤُلَاءِ لَو ذَهَبُوا لم تَجِد مثلهم فِي دولتك أما أَنا فهم فِي حل من حَقي وَمن جهتي".

وتعدى الإيذاء إلى تلامذته، قال ابن عبد الهادي:" وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء منتصف شعْبَان أَمر القَاضِي الشَّافِعِي بِحَبْس جمَاعَة من اصحاب الشَّيْخ بسجن الحكم وَذَلِكَ بمرسوم النَّائِب وإذنه لَهُ فِي فعل مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْع فِي أَمرهم وأوذي جمَاعَة من أَصْحَابه واختفى آخَرُونَ وعزر جمَاعَة وَنُودِيَ عَلَيْهِم ثمَّ أطْلقُوا سوى الإِمَام شمس الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر إِمَام الجوزية فَإِنَّهُ حبس بالقلعة".

وهذا الشيخ شهاب الدين البعلبكي كان منحرفًا عن ابن تيمية ثم التقى به فاقتنع بكلامه وأحبه، ثم أصبح يصرّح بتحريم الاستغاثة والتوسل على طريقة ابن تيمية فضربه السلطان خمسين سوطًا، ومنع من التدريس، ونفي إلى مدينة الخليل، ذكر ذلك الصفدي في أعيان العصر.
وهذا محمد بن مسلّم الصالحي ممن انتصر لابن تيمية فأوذي بسبب ذلك.

وهذا الشيخ برهان الرشيدي الشافعي منع الإخنائي توليته للقضاء مع أهليّته لا لشيء إلا لأنه من أنصار ابن تيمية.
بل قاضي القضاة ابن جملة الشافعي حملته عداوته لابن تيمية على ألا يصلي عليه بعد وفاته!

هذه شذرات فقط عما فعله جمع من الأشاعرة بابن تيمية وتلاميذه، وهذا لا يعني أن جميع السادة الأشعرية وقفوا على الضد من ابن تيمية، بل هناك من ناصره أتم نصر، وله فيه ممادح وثناءات؛ غير أن هذه النزعة في العنف في التعامل مع المخالف لا تزال باقية موجودة تشتعل إذا نُفخ فيها.

ليس المراد الاستقصاء كما قلت، وإلا فلو استحضرنا ما فعله الأشاعرة حين وقعوا على وثيقة القادر بالله العباسي قبل قرون من عصر ابن تيمية وما جرى بسببها من قتل ونفي للمعتزلة وغيرهم، ولو استحضرنا ما فعله بعض المالكية بابن رشد؛ وما جرى للسهروردي، فضلاً عن مواقف الأزهر من بعض الباحثين المعاصرين كنصر حامد أبو زيد مثلاً؛ لطال بنا المقام.

والمقصد من هذا كله، أن استحلال دم المخالف المسلم وإراقة دمه وإيذائه ليس أمرًا تفردت به طائفة من الأمة دون غيرها.
وحريّ بمن رضي بما سبق وأقرّه وفرح به وشرّعه في حق المتأولين المسلمين الذين لم يرفعوا سيفًا وما خلافهم إلا بتأويل واجتهاد هدفه تنزيه الرب تعالى، حريّ بمن أيّد هذا في التراث، ثم هو يخالف داعش ويجرمهم أن يقال له:
إنك امرؤ فيك داعشية


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

قصة "طويلة جدا"!

$
0
0
"قصة قصيرة"


يحكى أن ملكا شابا كان يداعب قطته الودود، فخَمشت وجنتيه بمخالبها، وتركت فيهما جرحا عميقا..
عُولج الملك، وحينما رأى وجهه في المرآة، ساءه ما آل إليه من تشوه.
غضب جدا، وحطم المرآة وجن جنونه
فأمر بحرق قطته... وقتل جميع قطط المدينة!
لم يكتف الملك الغاضب بذلك، فأمر حاشيته ومعاونيه أن يخمشوا وجوههم، كي لا يحس بالنقص أمامهم..
فعلوا جميعهم ذلك، وأوعزوا لأتباعهم بالمثل.
صدر بيان ملكي بأن تُخمش وجوه جميع الرعية، وتكسر كل مرآة في البلاد، وتربى الأرانب بدل القطط..
عمل الجميع على تحقيق رغبة الملك، فخَمش جميع الرجال وجوههم، ووجوه زوجاتهم... وكذلك فعلت النساء بأطفالهن
وأصبح كل مولود يولد في البلاد تُخمش وجنتاه قبل أن يُقطع حبله السُري..
واقتنت كل عائلة قطيعا من الأرانب.

***


بمرور الزمن أصبح "الخمش" سمة من سمات الجمال في المملكة!
تعاقبت الأجيال، فأنشئت دورٌ لعُروض الخمش، وصالونات لآخر صيحات الخمش.. ومعاهد لتعليم طرق الخمش السليمة.. ووزارة مختصة بالثقافة وشؤون الخمش. وأقرضت الأشعار على الخامِشات، وألفت الكتب في فوائد الخمش..
وأصبح للملكة عيد وطني للخمش، وعيد آخر لجمال الأرانب..
تنافس الشبان في تحبير جراحهم، وتنافست الفتيات في استعراض خطوط خدودهن.. كلما كانت خطوط وجنة الفتاة أطول وأكثر سمكا، كانت أقرب لقلوب الرجال، وأوفر حظا من غيرها بالظفر بفارس الأحلام.
أصبحت القطط ترمز للشر والقبح والعنوسة..
وأصبحت الأرانب ترمز للخير والحب والخصوبة..
وشُيد معبد ضخم للأرانب "المباركة".. يزوره الناس للصلاة، وتقدم فيه القرابين، وتحرق على أعتابه القطط "الملعونة" طردا للشر.

***


وفي أحد الأعوام، ألم بالبلاد قحط شديد.. كثرت الأرانب، واجتاحت الحقول ودمرت المحاصيل، أدى ذلك إلى مجاعة، وتفشى الطاعون، ومات خلق كثير!
استنجد الملك -الذي أضحى عجوزا - بإحدى الممالك المجاورة.. فأرسلوا له وفدا للمساعدة..
حضر أفراد الوفد إلى البلاد، وكانوا جميعهم صُلع، وبلا أنوف !
(لأن الصَلَع، والأنوف المقطوعة، من سمات الجمال في بلادهم)
اجتمعوا بالملك، فأشاروا عليه بجملة من الإصلاحات كي يُجنب مملكته ورعيته هلاكا محتما.
عليكم أن تربوا القطط، لأنها مباركة !
عليكم أن تقتلوا الأرانب لأنها ملعونة !
وعليكم أن تحلقوا رؤوسكم، وتقطعوا أنوفكم، لأن السماء تحب الجمال وتكره القبح !
امتعض الملك مما سمع، وكذلك فعل وزراؤه..
فضج المجلس جدالا!
بعد أخذ ورد، لانَ طرف الملك العجوز لنصائح الوفد، وسط ذهول حاشيته..
تسرب الخبر إلى الرعية .. فثار الجميع لنصرة رموزهم المقدسة !
حاصروا القصر..
علت الهتافات: "اقتلوا الوفد القبيح"
تطور الأمر، فأصبح المطلب "رأس الملك"!
أقتُحِم القصر، واقتادت الجماهير الغاضبة ملكها ووزراءه، وأعضاء الوفد إلى محرقة المعبد!
قُتلوا جميعهم، وقُدموا قربانا لأرواح الأرانب المقدسة !
***
هكذا تصنع المجتمعات من العادات أغلالا تكبل الأجيال، حتى إذا ما اكتسبت هالة قدسية، أسيلت من دونها الدماء وقطعت الرؤوس..
وهكذا تٌكسر مرآة الذوات ... فلا يرى المجتمع قبحه!

" إنتهت"



ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تونس.. الهامش والدولة، التواصل المفقود!

$
0
0
ما أشبه البارحة باليوم، الداخل المهمش "القصرين" نموذجًا ومن بعده بقية "الهامش غير الجغرافي" ينتفض طلبًا لحقوق منسية منذ عقود ورفضًا لواقع اقتصادي واجتماعي مرير يعيش تحت وطأته في انتظار تنمية وتشغيل وُعد بها وطال انتظاره لها لم تأتِ، والمركز منشغل عن هذا الحراك الاجتماعي لا يوليه الاهتمام الذي يستحق.

السؤال لماذا بعد خمس سنوات من الثورة وعقود منذ الاستقلال ما تزال رسائل الهامش عاجزة عن بلوغ الحكومات المتعاقبة والتأثير في سياسات الدولة؟ هل المشكل في الباثِّ أم في الرسالة أم في المتقبل أو في قناة التواصل؟

تتكون عملية التواصل، حسب المثال النظري الذي قدمه الباحث الأميركي كولاي (Cooley) من القاعدة، "base" وهو مصدر الرسالة وهو في حالنا هذه الهامش، والهامش هنا ليس جغرافيًّا ينقسم إلى داخل مقابل ساحل وإنما هامش غير جغرافي كما بيَّن ذلك الباحث زهير إسماعيل في مقال بعنوان "الانقسام الاجتماعي حقيقة الحقائق".

أما المتقبِل وهو المتسلم للرسالة، فهو المركز في مقابل الهامش، وتمثله في تعبيراته السياسية "الحكومة" والنظام الساسي برمته. وأما القناة وهي الفضاء أو الأداة المستعملة لتحميل الرسالة التي تتمثل أساسًا هنا في نداء استغاثة وصرخة غضب طلبًا للكرامة والتنمية والتشغيل وباختصار طالبا بالالتحاق بالمركز.

ويمكن اعتبار القناة وهي "احتجاجات الهامش" ولو اختلفت أشكالها وتعبيراتها على امتداد عقود منذ الاستقلال إلى يومنا هذا تتصاعد شدتها وتسكن، كأحداث الخبز 1984 وأحداث الحوض المنجمي ثم الثورة في 2011, والاحتجاجات الاجتماعية على مدى السنوات الخمس الأخيرة.

وسواء اتخذت قناة التواصل هيئة الاحتجاجات في مظاهرات أو اعتصامات أو حتى طلبات بسحب الجنسية والخروج من دائرة المواطنة الصورية للالتحاق بالجزائر أو حتى في تشكُّل نمط للعيش والسلوك يتحدى قوانين الدولة ليصبح التهريب مهنة والاقتصاد الموازي هو الاقتصاد الرسمي في الهامش، فإنها تبقى وسيلة الهامش الوحيدة لتحميل رسائله.

المقوم الأخير لعملية التواصل حسب "كولاي" هو الإطار المرجعي المشترك إذ تمتلك القاعدة أو الـ "base"، والمتقبِل سواء كانا أشخاصا أو جماعات أومؤسسات نظاما من الآراء والقيم والمعتقدات والمعارف.
وهو خلفية معرفية تساعد القاعدة والمتقبِل على إعطاء مدلول للرسالة. ويعتبر الإطار المرجعي خبرات مكتسبة يحصل عليها الفرد من محيطه الاجتماعي والثقافي والحضاري. فإذا استعملت كل من القاعدة والمتقبِل إطارًا مرجعيًّا مشتركًا يسهل التواصل، وعكس ذلك يكون عائقًا من عوائق التواصل.

ن الانقسام الاجتماعي الحاد في المجتمع التونسي أمر واقع رغم ما يروج له من وحدة النسيج الاجتماعي. ولعل أبرز مثال لذلك الاختلاف حول الفصل الأول للدستور والذي حسم بتوافق سياسي لم يغير في المواقف الاجتماعية من المسألة كثيرا، فكلما تعلق الأمر بإصدار موقف قيمي من قضية معينة تدور في فلك الهوية، إلا وتضاربت المواقف وبرزت الثنائية.

ثنائية تعكس عمق الانقسام بين الهامش والمركز. الموقع ضمن المجموعة الاجتماعية يحدد زاوية النظر والموقف كذلك فيكفي أن ننتقل بين ضواحي العاصمة، إذ لا حاجة للانتقال للمناطق الداخلية لنلاحظ هذا الانقسام الاجتماعي، فالمنظومة القيمية والفكرية والسلوكية ليست نفسها، وإن كانت لها بعض المشتركات لمن يمثلون المركز من الأحياء الراقية للضواحي كقمرت مثلًا ولمن يمثلون الهامش في الأحياء الشعبية كحي التضامن ودوار هيشر.

وللأسف ارتبطت صورة الهامش في المسكوت عنه لدى العقل الجمعي للمركز في أغلب الأحيان بالنازح القادم من الأرياف "وراء البلايك" أو ذاك الهمجي الخارج عن دائرة التحضر "الجبري" و"القعر"، وهو تصور تعكسه حتى الشخصيات الممثلة للهامش في الأعمال التلفزيونية مسلسلات كانت أو أفلامًا، وهو ما ينعكس في قراءة وفك رموز احتجاجات الهامش، أو بلغة أخرى رسالته التي تؤول بصفة سلبية في أغلب الأحيان فيغيب التضامن معها ودعمها أو يكاد يكون ضعيفًا.

الحكومات والنظام السياسي برمته إذًا تمثل أساس المركز، فتتقاطع في الفعل السياسي المنظم لعلاقاته وتفاعلاته في إطار الدولة مصالح المال والنفوذ وتتكامل، فيصبح بذلك اهتمامه منصبًّا في حماية مجال فعله وتدعيم شبكة المستفيدين منه وحماية مصالحهم.

وبهذا الفهم وعلى أساس هذه القاعدة يبدو أنه يتم فك رموز رسائل الهامش من احتجاجات إذ تتعامل معها الحكومات المتتالية بعقلية "إطفاء الحريق" الذي يهدد مصالحها ويهز استقرارها فقط وإلا كيف يتم تفسير أن السياسات الاقتصادية والاجتماعية الموجهة للهامش لا تسعى لنقله من موقع الهامش إلى موقع المركز أو حتى تقليص البون الشاسع بينهما، بل فقط لسكان الأصوات الغاضبة المطالبة بحقوقها في المواطنة وبتطبيق واجبات الدولة تجاهها؟

لماذا توجه جهود التنمية والمساعدات لقطاعات المستفيد الأول منها هو صفوة المركز في حين أن إمكانيات التنمية وآلياتها متوفرة في الهامش فقط لو تتاح له إمكانية ممارسة الحكم المحلي والديمقراطية التشاركية وتسخر له جهود المجموعة الوطنية ونفس قيمة الموارد المسخرة للمركز.

المشكل في عملية التواصل بين الهامش في تونس والمركز يكمن أساسًا في الإطار المرجعي المشترك، وفي المتقبل (الحكومة) باعتباره جزءًا من المركز يحافظ على مكتسبات ويدعمها ويتفاعل ضمن ذات الإطار المرجعي المشترك للمركز والمختلف تمامًا عن ذاك الخاص بالهامش. يبقى أيضًا من غير الموضوعي أن لا يتحمل الهامش مسؤوليته في تعطل عملية التواصل هذه، ذلك أن للهامش إمكانات متعددة للفعل لإنجاح مبتغاه، ولعل أوضحها كان ولا يزال الآلية الديمقراطية للانتخابات، إذ بيد الهامش أن يغير الماسكين بالسلطة السياسية على الأقل فيسلمها لمن يشاركونه نفس الإطار المرجعي المشترك ويدعمهم في عملية التغيير التي تتطلب صبرًا ووقتًا.

ولعل الانتخابات البلدية القادمة قد تمثل الخطوة الأولى للتغيير بالنسبة للهامش فقط عليه أن يتسلح بالإرادة ويدخل حقل المشاركة المواطنية ويستعد لتحويل احتجاجاته التقليدية إلى طريقة عمل مواطني عبر صناديق الاقتراع فهي أقوى طرق الاحتجاج وأنجع طرق التواصل.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

كيف يتشكل الإبداع؟.. الإجابة: "متلازمة الورقة البيضاء"!

$
0
0
هيئتُ لنفسي كل أسباب الراحة لأبدأ العمل.. نلتُ قسطًا وافرًا من الراحة، رتبتُ المكان، وعزلتُ كل مصادر الضوضاء، لكني حالما جلستُ أمام الورقة البيضاء، لم أجد غير الحيرة في عقلي. تابعتُ التحديق في قلب الورقة، وعند الزوايا، وأخذتُ أتساءل: كيف يمكنني استنطاق الفراغ؟
القلم قد تمّ شحذه جيدًا، لكني عاجزة عن رسم الخط الأول، أو الكلمة الأولى..

بعد ساعات وليال، قرر قلمي أن يلامس الورقة أخيرًا. وإذ بي أخرج من حالة الفراغ تلقائيًّا لأبدأ الرسم، فتنهمر الأفكار، وكأنّها كانت مكدّسة داخل عنق زجاجة، وكل ما فعلته هو أنّي قد صنعتُ لها الفتحة لتنسكب!

"متلازمة الورقة البيضاء" أو blanc page syndrome" هي حالة نفسية طبيعية يمر بها كل من يعمل في تخصص ذي طابع إبداعي، كالمعماريين والكتّاب والرسّامين. وهي تعني إحساسك بالعجز واستنفاد الأفكار، أو عدم معرفة من أين عليك أن تبدأ؟

تعلمنا على مقاعد الدراسة في الهندسة المعمارية، أنّ الطريقة المثلى لتجاوز هذه الحالة، هي إجبار النفس على رسم أي شيء، أي أن تبدأ بأكثر الأفكار بساطة وسُخفًا في نظرك. إن الفكرة ستستجلب الفكرة، ثم إنّ الأوراق ستتراكم على مكتبك، وستشعر في كل مرة أنّك تلمّ بحيثيات المشروع بشكل أفضل، و ستبدأ بتجزيء المشكلات والبحث عن حلول لها.

في أغلب الأحيان، النتيجة النهائية لن تشبه فكرتك الأولى أبدًا، ستتقبل أن تتخلى عنها في النهاية ولتعتبرها العامل الذي ساعدك على استخراج الأفكار من منجم الإبداع الخام في ذهنك.
"تتطلب الأفكار المتابعة. ابدأ بزراعة بذرة عوضًا عن مفهوم متكامل. من المهم أن تستوحي من برنامج المشروع، المكان واحتياجات العميل. استفد من كل الظروف المحيطة التي قد تغذي المشروع وتمنحه الحياة".

تذكّر، وأنت على أبواب البداية، أن تتخلى عن رغبتك في إنجاز فكرة خارقة أو مشروع عظيم. ابدأ صغيرًا ثم حسّن فكرتك شيئًا فشيئًا.
ولكي تحرّك عجلة الإبداع في داخلك، قم بالقراءة والبحث على الإنترنت. قد تلهمك صورة أو مقطع فيديو أو مقالة. ولكن احذر! لا تفرط في البحث لأن ذلك قد يؤدي إلى التشبع الفكري، وبالتالي مزيد من الحيرة. وأحيلك هُنا إلى قراءة كتاب how to get ideas كيف تحصل على الأفكار لجاك فوستر.

من المهم أن تكون فكرتك استجابة لمشكلة ما. فلتخض موضوعًا جدليًّا ما عن طريق مناقشة الأشخاص حولك، ولتتأمّل مشكلات المجتمع. اسأل نفسك من سيستفيد من مشروعك؟ لمن تصمم أو تكتب؟
ابحث عن منطقة السؤال، عن المنطقة الغامضة في مجال تخصصك. إن الفكرة وليدة السؤال.

كما يُقال أيضًا إن مشاهير المعماريين أحيانًا لا يبتكرون فكرة المشروع من بعد تسلُّم مهمة تصميمه، بل قبل ذلك بكثير. ربما تزورك الفكرة وأنتَ جالس وسط الطبيعة، في غرفة انتظار، أو وأنت تشاهد برنامجًا ما.. احتفظ بها في مذكرة صغيرة تُدعى "بنك الأفكار"، ستحتاج أن تقترض من بنكك هذا في وقت لاحق.

من المعروف أن البشر يعملون بشكل أفضل تحت الضغط. إنّ وجود تاريخ نهائي للتسليم قد يثير محرّكات الإبداع في داخلك. ولكن معروفٌ -في الحين ذاته- أن الأفكار تحتاج إلى الوقت للنضوج، وأن عليك القيام بفترات من الراحة تخرج فيها تمامًا من موضوع عملك لتعود لاسترجاعه في وقت لاحق.

و لعل الحالتين يمكن التوفيق بينهما، المهم أن تحسن إدارة وقتك تحت الضغط.
وتذكر أن تعطي أفكارك الإبداعية نفحة من روحك وشغفك، استرجع أهدافك، ودع أعمالك تعبّر عنك. المهم، أنك إذا واجهت متلازمة الورقة البيضاء، وأعجزتك الحيرة، فعليك أن تبدأ حالًا..
فقط ابدأ.
--------
المصادر:
AYassine13 manières de surmonter le syndrome de la page blanche.[En ligne]http://www.ya-graphic.com/2012/05/surmonter-syndrome-page-blanche/.
BertholetGuilhemSyndrome de la page blanche : 7 conseils pour le combattre.[En ligne]http://invox.fr/syndrome-de-la-page-blanche-7-conseils-pour-le-combattre-contentmarketing/.
CaffreyAngeliqueBlank Page Syndrome.[En ligne]http://www.explorewriting.co.uk/blankpagesyndrome.html .
DesignWhiskeyCreek DocumentWhite Page Syndrome.[En ligne] http://www.wcdd.com/dd/editorials/blankpage.html


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

بنكهة الحياة

$
0
0
كل من يعيش في هذا العصر -عصر السرعة- يدرك تمامًا ما آلت إليه أحوالنا.. بعد التطور الذي عرفته أجيالنا في مجالات عدة، لم يكن يتمتع بها أجدادنا.. ولكن.. السلبيات أحيانًا تأبى إلا أن تصحب الإيجابيات في رحلتها عبر الزمن.

نستيقظ صباحًا على دقات المنبه المتسارعة.. نلبس بسرعة.. نتناول فطورًا مكوَّنًا من قهوة مُنكَّهة.. وتوستٍ فرنسيّ، مع قطعة نقانقٍ بمذاق الجبن، أو بعض المربى بنكهة الفراولة.. ثم نتوجه مسرعين إلى أعمالنا.

نرى شابًا يركض خلف الحافلة.. وآخر يبحث عن تاكسي، متفقدًا ساعته بقلق.. وفتاة تفضل المشي هرولة.. وموظفًا يركب سيارته، التي لم تغنِه عن الدخول في سباق مع الوقت، بفعل الاكتظاظ وسيل الاحتجاجات المجلجلة، التي لا تفتأ أن تتعالى وسط الصخب، لتزيد الشارع عرقلة.

نصل أخيرًا إلى مكاتبنا.. نحس أننا من أبطال الزمن الخارقين.. نشغل مقاعدنا.. ونشرع في أداء أعمالنا.. فإذا بِالإرهاق يتسلل إلى أجسادنا.. فنتناول شايًا بنكهة الليمون، أو عصيرًا معلبًا.

يحين وقت الغداء، فنهرع لتناول فطائر لحم، منكهة بمذاق الزعفران، والتوابل الاصطناعية.. وبطاطس مقلية، كانت مجمدة لشهور.. ومشروب غازي لذيذ وغير صحي.. بل الأدهى من هذا، أن ربات البيوت أنفسهن، أصبحن يُحضِّرن الطعام بمستحضرات النَّكهات السريعة الجاهزة.. ربما ربحًا للوقت.. أو ربما تكاسلًا أو بسبب الإرهاق.

نعود مساءً إلى منازلنا، أشباهَ بشر.. مرهَقين.. مُتوتِّرين.. بل منهارين، كأننا نحمل ثقل الأرض على رؤوسنا.. لا نحتمل كلامًا ولا نقدر على التفكير.. ربما لم نُنْهِ حتى أعمالنا كما يجب.

نتناول عشاءً سريع التحضير.. ربما قهوة سريعة التحضير أيضًا.. ونسهر لننهي أعمالنا.. لنحاول أخيرًا النوم بصعوبة، على قرْع دقات قلوبنا المتسارعة.. إنها حياة السرعة بأبهى حللها.. فهناك دائما أسوأ.

اعتدنا العيش على النَّكهات.. فلم نعد نستمتع بمذاقات الطبيعة الأصلية.. حتى اعتقدنا من فرط إحباطنا، أن ما نعيشه هو أصل الحياة، ولم ندرك أننا أصبحنا نعيش فقط بنكهة الحياة.

تجدنا في عجلة من أمرنا ليل نهار.. لا وقت لنا لنرى أحباءنا وأهلنا.. نعتذر لأصدقائنا طوال الوقت عبر الهاتف، ذاك الذي يرضي غرورَ سرعتنا.. تدهورت علاقاتنا كَصِحَّتنا.. بل تدهورت حياتنا.. حتى أصبحنا نسخة مزيفة لمجتمع مثالي لطالما حلمنا بالعيش بين أحضانه، والتَّنعُّم بما وصل إليه من تقدم علمي ومعرفي.. لنستيقظ فجأة على صرخات ضمير يائس، لم يعد يعرف كيف يصنفنا داخل دوامة الاصطدام بواقعٍ، أقل ما يقال عنه إنه صعب.


ليتنا نستطيع أن نتوقف عن الاختباء في دواخل أنفسنا، ونتمكن للحظة من استشعار الخطر المحيط بِنَا.. لأن استمرارنا بالخطو في هذا الطريق الطويل.. سيجعلنا قريبًا، نتفاجأ بأضواء عمرنا تخبو، الواحدة تلو الأخرى.. لتنطفئ أخيرًا بصمت وسط صخب هذا العالم.. ونكتشف في النهاية أننا لم نكن نعيش.. بل نتعايش مع أوضاعنا أو ربما نتظاهر بالعيش، حتى لا نفقد نكهته بعد أن فقدنا وجوده.


قد نظل على حالنا، وقد نتمكن يومًا من مصالحة أنفسنا، التي لطالما عذَّبناها باستسلامنا المهين، لواقعٍ اصطناعيٍّ آليٍّ، متناسين أننا خُلقنا من الطبيعة ولن نرتاح إلا في أحضانها.. إذا ما اخترنا يوما أن نوازن بين متطلبات المجتمع واحتياجاتنا كبشر.

نسمع دائما أن التغيير يبدأ من الداخل.. لكن قليلًا ما نتمكن من استشعار ذلك المعنى العميق، المختبئ بين الحروف.. فداخلنا أكثر تعقيدًا مما يبدو عليه.. لسنا كائنات خلقت فقط لتُعمِّر الأرض.. بل خُلقت لهدف
.

نحن خليط متجانس من مكونات طبيعية واحتياجات أساسية لضمان الاستمرار.. ليس فقط كبشر ولكن كخليفة لله على أرضه.. ولهذا علينا أن نتقن مخاطبة أنفسنا كفكر وإحساس، بتغذية عقولنا الجائعة منذ زمن، إلى أصول التفكير السليم.. وتلبية متطلبات الجسد عند الجوع والعطش، بما تجود به الطبيعة بسخاء في كل البقاع.. دون أن نُهمل حاجة أرواحنا إلى الطمأنينة التي افتقدناها طويلًا، من فرط انشغالنا، حتى بِتنا نؤدِّي فرائضنا بتكاسل، وأصبحنا نتصرف بحكم العادة لا العبادة.

قد يبدو التغيير صعبًا، في البداية.. ولكن.. يجب أن نتذكر دائمًا أننا نتعامل مع خير الكائنات.. مع أنفسنا.. فإن نجحنا فذلك ما نطمح إليه.. وإن أخفقنا فيكفينا شرف المحاولة، لننجح حتمًا في النهاية.


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

عباءتكَ ثقيلة؟ لا بأس من خلعها أحياناً!

$
0
0
من أجمل اللحظات في حياة كل إنسان هي لحظة الإنجاز، أن ترى نتيجة تعبك حصادًا بين يديك، وأجمل الإنجازات في حياة أي منا هي التخرج من الجامعة، أو الكلية، ولبس عباءة الخريج، كم هي لحظات مليئة بالمشاعر، تشعرك بقيمة ذاتك، وبفرحتك الغامرة بعد التعب والسهر والمذاكرة، هذه اللحظات هي مكافأتك، وأنت تستحقها، بالإضافة إلى حصولك على "عباءة" تخرج بها إلى المجتمع وربما لا تُعرَف إلا بها فيما بعد.

عندما تحصل على الشهادة، فإنك تبدأ بالبحث عن فرصتك في الحياة، تبحث عن العمل الذي يناسب شهادتك ولقبك الجديد، فالطبيب يذهب إلى المستشفيات، والصيدلاني إلى الصيدليات، والمهندس إلى مكاتب الهندسة، والمحاسب إلى الشركات وهكذا، فإذا كنت محظوظاً ستحصل على عمل بسرعة، وإذا كنت محظوظاً أكثر فستحصل على راتب جيد منذ البداية، وربما لا تحصل على شيء فتدور وتدور وتبدأ بالبحث عن مهنة ربما تراها أقل شأنًا من تلك الشهادة التي تحملها، لكن متطلبات الحياة تجبرك على ذلك، وربما تتعلم حرفة أو صنعة تعتاش منها، وقد تفكر بمشروع صغير ضمن مجال تخصصك أو مجال آخر مختلف تمامًا عما تعلمت في الجامعة أو الكلية، وقد ينتهي بك المطاف جالسًا في عتمة غرفتك، تندب حظك السيئ وتعض أصابعك ندمًا على أنك درست في هذا المجال أو ذاك.

المشكلة ليست في هذا كله، المشكلة هي أن نعتقد أن هذا هو كل شيء، أن شهاداتنا هي التي تُعرِّف عنا، وأننا منذ وضعناها في إطار لنحفظها ونتباهى بها وضعنا أنفسنا ضمن هذا الإطار وأصبح من الصعب علينا أن نتعدى حدوده، وربما ظننا أن هذه الشهادة هي التي صنعت قيمتنا أو رفعت شأننا، لكن ذلك ليس صحيحًا تمامًا، فنحن الذين حصلنا على هذه الشهادة نتيجة تعبنا وجهدنا، ونحن الذين نعطي هذه الشهادة القيمة الحقيقية لها، نتيجة للمعلومات التي حصلنا عليها والخبرات التي اكتسبناها، والتي تؤهلنا للعمل في مجالها، فنحن إذن من نعطي القيمة للشهادة وليس العكس، بالإضافة إلى أننا يمكننا خلع هذه العباءة أحياناً، واكتساب خبرات في مجالات لا تمت لشهاداتنا بصلة، بل ربما نتحول فيها إلى منتجين، ومبدعين، وكم من مبدعٍ وملهم حولنا برع في مجالٍ لا يخص دراسته الجامعية، فليس كل كاتب درس اللغة، وليس كل مصور بارع لديه شهادة في التصوير، وليس كل رسام لديه مؤهل علمي في الفنون، وتطول مجالات الإبداع حتى تتعدى الحدود، بل إن هذه الخبرات الإضافية قد تساعد في تكوين صورة جديدة طيبة عنك أمام أصحاب الأعمال الباحثين عن موظف متميز موهوب، كما أنها بلا شك تخرجك من دائرة الروتين المملة إلى فضاءات أوسع، وآفاق أبعد، فتجدد لك نفسيتك، وتعطيك الفرصة لمقابلة المزيد من الناس الذين يحملون نفس الشغف، وقد تجد نفسك فيها أكثر، تلك النفس التي بحثت عنها طويلاً، بين سطور الكتب وملازم المذاكرة، أو بين زملائك وخلف مكتبك في مقر عملك، ولم تجدها.

حقيقةً، العباءة ثقيلة، وخلعها من حين لآخر لن ينقص من قيمتك أو هيبتك شيئًا، بل ربما يزيدك معرفة ومتعة وشغفًا وإنجازًا، فكم هي خسارة عظيمة لو بقي ملهمونا المبدعون في إطار شهاداتهم وألقابهم، وتحت عباءاتهم ذاتها التي صنعوها في أربع سنوت فقط، ليلبسونها ستين عامًا أخرى..

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

الدخول من نافذة بيكاسو.

$
0
0
"يبدو لي أن هذا الذي بيني وبينك مثل نافذة تنفتح، وأنا أريدها أن تظل مفتوحة"

بهذه الكلمات يبدأ "بابلو بيكاسو" علاقتة مع "فرانسواز جيلو" الشابة الفرنسية ذات العشرين ربيعاً، والتي يلتقي بها أثناء الحرب العالمية الثانية هو الرجل الذي تخطى الستين من العمر والذي يعيش مجده الفني،وهي الفتاة التي مازالت تبحث عن ذاتها.

"بابلو بيكاسو" معجزة القرن العشرين (1881-1973) و فرانسواز جيلو (1921) متخصصة بالأدب والقانون من جامعة السوربون، بدأت الرسم في سن العشرين . التقت بيكاسو سنة ( 1943) وعاشت معه حتى عام (1953).

ما الذي كان يرجوه رجل مثل بيكاسو من تلك الطفلة؟ وما الذي أرادته "فرانسواز" من رجل يبلغ ثلاثة أضعاف عمرها؟

هل هو الحب؟ الفشل العاطفي عند أحدهما أو كليهما ؟ أم أن الأمر برمته كان مجرد فضول ؟
كنت أظن أن هذا النوع من العلاقات خاص بنا نحن الشرقيين الذين ما زلنا نتخبط بكل شيء بدءاً من عواطفنا انتهاءً بهويتنا .

الملفت أن هذه العلاقة التي لم يرغب بيكاسو بانتهائها كان قد وضع حدودها مسبقاً كما جاء في كتاب لـ"فرانسواز جيلو" بعنوان "حياتي مع بيكاسو" حيث يقول :

"ينبغي أن لا نلتقي كثيراً،لو أردت أن تبقى أجنحة الفراشة لامعة،فعليك أن لا تلمسيها، ينبغي لنا أن لا نسيء استعمال ما من شأنه أن يحمل النور إلى حياتنا. كل شيء آخر في حياتي يرهقني ويغلق علي منافذ الضياء، ويبدو أن الذي بيني وبينك مثل نافذة تنفتح، وأنا أريدها أن تظل مفتوحة . علينا أن نلتقي،ولكن ليس بإفراط،كلما أردت لقائي،اتصلي بي و اعلميني بذلك."


فقلة اللقاءات برأي بيكاسو هو الذي سيجعل العلاقة مستمرة. والمحافظة على المسافة بين الشخصين هي التي ستعطي العلاقة الإستمرار.

أكان يبحث عن علاقة أفلاطونية؟ أم عن علاقة مستمرة تحمل في طياتها سحر اللقاء الأول؟ أم كان يبحث عن مجرد أمرأة يستمتع برفقتها ؟ هنا لا أبحث عن بيكاسو بقدر البحث عن التعقيد في العلاقات الإنسانية لا سيما عند الأشخاص الذين يعتقدون أنهم مختلفون، مع التحفظ باختلاف بيكاسو،
فالواضح في أغلب العلاقات أنها تبدأ بالفتور تدريجيا بعد الإرتباط الجدي من قبل الكثيرين، وكأن السحر يختفي فجأة.

وأعود وأقول ظننتها خاصة بنا نحن الشرقيين، وأن الغرب قد تجاوزها، لكني عدت وانتبهت، القصة حدثت في منتصف القرن الماضي، أثناء حرب لم تشبهها حرب أخرى إلا الحرب الدائرة الآن في بلادنا،تشعر بالإحباط في كلام الرجل، تشعر بالحركة السريعة، وكأنه هارب من الموت دوماً،يعيش أجواء الحرب فيتمسك بأي شيء قد يدخل الفرح إلى قلبه واللون إلى حياته.

من قال أن الحرب توقف الحياة؟ من قال أنها تحبط؟ نعم صحيح لكنها في الجانب الآخر تجعلك هشاً بعد حين، تجعلك مقلوبا للخارج كثوب مهمل، تجعلك تقف أمام الحياة وتفاصيلها خائفا من فقدك إياها في لحظة طيش منك أو من القدر.


الهروب من الدمار والحزن والخوف الذي تخلفه الحرب إلى المعجزة الحقة الباحثة عن هويتها المفقودة منذ نزول آدم وحواء بعطرهما الفردوسي إلى أرضنا البتول .
إنها الحرب التي تجعلك شفافاً، رقيقا ً،تدمع عينيك لأي مشهد،وتجعلك ترغب في حماية كل شيء حولك بدءاً من حجارة الأرصفة .


ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
Viewing all 13463 articles
Browse latest View live